للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولحديث خالد بن الوليد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حرام عليكم الحمر الأهلية، وخيلها، وبغالها"، ولأنه ذو حافر، فأشبه الحمار.

واحتجّ الجمهور بحديث جابر - رضي الله عنه - المذكور في الباب، وحديث أسماء - رضي الله عنها - عنها الآتي بعده، متّفقٌ عليهما، ولأنه حيَوانٌ طاهرٌ مستطابٌ، ليس بذي ناب، ولا مِخْلب، فيحلّ، كبهيمة الأنعام؛ ولأنه داخل في عموم الآيات والأخبار المبيحة. وأما الآية، فإنما يتعلّقون بدليل خطابها، وهم لا يقولون به. وحديث خالد ليس له إسناد جيّد، قاله أحمد، قال: وفيه رجلان لا يُعرفان، يرويه ثورٌ، عن رجل ليس بمعروف، وقال: لا نَدَعُ أحاديثنا لمثل هذا المنكَر. انتهى كلام ابن قدامة - رحمه الله - بنوع من التصرّف (١).

وقال في "الفتح": قال الطحاويّ: وذهب أبو حنيفة إلى كراهة أكل الخيل، وخالفه صاحباه وغيرهما، واحتجوا بالأخبار المتواترة في حِلّها، ولو كان ذلك مأخوذًا من طريق النظر لَمَا كان بين الخيل والحمر الأهلية فرقٌ، ولكن الآثار إذا صحت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يقال بها مما يوجبه النظر، ولا سيما وقد أخبر جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - أباح لهم لحوم الخيل في الوقت الذي منعهم فيه من لحوم الحمر، فدل ذلك على اختلاف حكمهما.

قال الحافظ: وقد نقل الحِلّ بعض التابعين عن الصحابة من غير استثناء أحد، فأخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح على شرط الشيخين، عن عطاء، قال: لم يزل سلفك يأكلونه، قال ابن جريج: قلت له: أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: نعم، وأما ما نُقِل في ذلك عن ابن عباس من كراهتها، فأخرجه ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق بسندين ضعيفين، ويدل على ضعف ذلك عنه ما جاء عنه صحيحًا أنه استدَلّ لإباحة الحمر الأهلية بقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا}، فإن هذا إن صلح مستمسكًا لِحِلّ الحُمُر صلح للخيل، ولا فرق، وثبت عنه أيضًا أنه توقف في سبب المنع من أكل الحمر، هل كان تحريمًا مؤبدًا، أو بسبب كونها كانت حمولة الناس؟ وهذا يأتي مثله في الخيل أيضًا، فيبعد أن يثبت عنه القول بتحريم الخيل، والقول بالتوقف في الحمر الأهلية،


(١) "المغني" ١٣/ ٣٢٤ - ٣٢٥.