للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ينسب للأمانة، فإن ذلك بالنسبة إلى حال الأولين، فالذين أشار إليهم بقوله: "ما كنتُ أبايع إلَّا فلانًا وفلانًا"، هم من أهل العصر الأخير الذي أدركه، والأمانة فيهم بالنسبة إلى العصر الأول أقلُّ، وأما الذي ينتظره، فإنه حيث تُفْقَدُ الأمانة من الجميع إلَّا النادر، قاله في "الفتح" (١).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ) بفتح، فسكون: المرّة من النوم، كما قال في "الخلاصة":

وَفَعْلَةٌ لِمَرَّةٍ كَـ "جَلْسَهْ" … وَفِعْلَةٌ لِهَيْئَةٍ كَـ "جِلْسَهْ"

(فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ) ببناء الفعل للمفعول، أي: تنزع منه، وقال في "المرقاة": أي: يُقبض بعضها، كما يدلّ عليه ما بعده، والمعنى: يُقبَضُ بعض ثمرات الإيمان. انتهى (٢).

(فَيَظَلُّ) - بفتح أوله، وثانيه، وتشديد اللام -؛ أي: فيصير (أَثَرُهَا) أي: أثر الأمانة، وهو ثمرة الإيمان، والمعنى أن الأمانة تَذْهَب حتى لا يبقى منها إلَّا الأثر الموصوف في الحديث.

(مِثْلَ الْوَكْتِ) بفتح الواو، وسكون الكاف، آخره تاء مثنّاة فوقيّة: هو الأثر اليسير، كذا قاله الهَرَويّ، وقال غيره: هو سوادٌ يسير، وقيل: هو لونٌ مخالفٌ للّون الذي كان قبله، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -.

وقال الهَرَويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "الْوَكْتُ": الأثر اليسير، يقال للْبُسْر إذا وقعت فيه نكتة من الإرطاب: قد وَكَّتَ، وقال صاحب "العين": الوَكْتُ بفتح الواو: نُكْتةٌ في العين، وعينٌ مُوَكوتةٌ، والوكتُ سواد اللون، قال أبو عبيدة: هو اليسير منه، ويقال: قد وَكَّتَ البُسْرُ والزَّهْوُ: إذا ظهرت فيه نُكتةٌ من الإرطاب من جانبها، وبُسْرَةٌ مُوَكَّتَةٌ، فإذا كان من طَرَفها، فهي مُذَنِّبَةٌ. انتهى (٣).

(ثمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِه، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ) - بفتح الميم، وإسكان الجيم وفتحها -، لغتان حكاهما صاحب "التحرير"، والمشهور الإسكان، قاله النوويّ.


(١) "الفتح" ١٣/ ٤٣.
(٢) "المرقاة" ٩/ ٢٥٤.
(٣) راجع: "إكمال المعلم" ١/ ٥٦٣ - ٥٦٤، و"المفهم" ١/ ٣٥٦.