للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَنَفِطَ) بكسر الفاء، يقال: نَفِطَت يدُهُ نَفَطًا، من باب تَعِبَ، ونَفِيطًا: إذا صار بين الجِلْد واللحم ماءٌ، قاله الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وقال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: نَفِطَت، كفرِحَ نَفْطًا، ونَفَطًا، ونَفِيطًا: قَرِحت عَمَلًا، أو مَجِلَت، وأنفطها العمل. انتهى (٢).

[تنبيه]: إنما ذكّر الضمير فيه، وفي قوله: "فتراه منتبرًا"، وإن كانت الرّجْلُ مؤنّثة كما أسلفناه في عبارة "المصباح" بتأويله بالعضو، أو بالموضع المدَحْرَج عليه الجمرُ.

وقال النوويّ: وقوله: "نَفِطَ"، ولم يقل: نَفِطَت مع أن الرجل مؤنثةٌ، إما أن يكون ذَكَّرَ نَفِطَ اتباعًا للفظ الرِّجْل، وإما أن يكون اتباعًا لمعنى الرّجْل، وهو العضو. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "اتباعًا للفظ الرِّجْل" محلُّ نظر، فالوجه الثاني هو الأقرب، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(فَتَرَاهُ) أي: ترى الموضع المدحرج عليه الجمرُ (مُنْتَبِرًا) بكسر الموحدة: أي: مرتفعًا، قال عياضٌ - رَحِمَهُ اللهُ -: أصل هذه اللفظة من الارتفاع، ومنه انتَبَرَ الأميرُ: إذا صَعِدَ على المِنْبَر، وبه سُمّي المِنبَر مِنْبَرًا؛ لارتفاعه، ونَبَرَ الجُرْحُ؛ أي: وَرِمَ، والنَّبْرُ: نوعٌ من الذباب يَلْسَع الإبل، فَيَرِمُ مكانُ لَسْعَته، ومنه سُمّي الهمز نَبْرًا؛ لكون الصوت على حال من الارتفاع، لا يوجد في غير هذا الحرف، وكلُّ شيء ارتفع فقد نَبَرَ، قال أبو عُبيد: "مُنْتَبِرًا: مُتَنَفّطًا". انتهى (٤).

(وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ) أي: ليس في ذلك المنتبر شيءٌ صالح، وإنما هو ماءٌ فاسد.

وحاصل الخبر أنه أنذر برفع الأمانة، وأن الموصوف بالأمانة يُسْلَبها حتى يصير خائنًا بعد أن كان أمينًا، وهذا إنما يقع على ما هو مُشاهَدٌ لمن خالط أهلَ الخيانة، فإنه يصير خائنًا لأن القرين يقتدي بقرينه (٥).


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦١٨.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٦٢١.
(٣) "شرح النوويّ" ٢/ ١٦٩.
(٤) "إكمال المعلم" ١/ ٥٦٤ - ٥٦٥.
(٥) راجع: "الفتح" ١٣/ ٤٣.