للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَمِينًا) أي: كامل الأمانة (حَتَّى يُقَالَ) في ذلك الزمان (لِلرَّجُلِ) أي: من أرباب الدنيا، ممن له عقلٌ في تحصيل المال، والجاه، وطبعٌ في الشعر والنثر، وفصاحة، وبلاغةٌ، وصباحةٌ، وقوّة بدنيّة، وشجاعة، وشوكة (مَا أَجْلَدَهُ) "ما" تعجّبيةٌ، أي: يقال له هذا تعجّبًا من كمال جَلَده - بفتحتين - وهو القوّة والشدّة (١). (مَا أَظْرَفَهُ) أي: ما أحسنه، قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الظرف عند العرب في اللسان والجسم، وهو حُسنهما، وقال ابن الأعرابيّ: الظرف في اللسان، والحلاوة في العين، والملاحة في الفم، وقال المبرِّد: الظريف مأخوذ من الظَّرْف، وهو الوِعَاء، كأنه جُعِل وعاءً للآداب، وقال غيره: يقال منه: ظَرُف يَظْرُفُ ظَرْفًا، فهو ظَرِيفٌ، وهم ظُرَفاءُ، وإنما يقال في الفتيان والفَتَيات أهل الخِفّة. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الظَّرْفُ وزانُ فَلْسٍ: البَرَاعَةُ، وذَكَاءُ القلب، وظَرُفَ بالضمّ ظَرَافَةً، فهو ظَرِيفٌ، قال ابنُ القُوطيّة: ظَرُفَ الغلام والجارية، وهو وصفٌ لهما لا للشيوخ، وبعضهم يقول: المراد الوصفُ بالحُسْن والأدب، وبعضهم يقول: المراد الكَيْسُ، فيعمّ الشباب والشيوخ. انتهى (٣).

(مَا أَعْقَلَهُ) أي: ما أحسن فهمه وتدبيره للشيء، يقال: عَقَلتُ الشيءَ عَقْلًا، من باب ضَرَبَ: تدبّرتُهُ، وعَقِلَ يَعْقَلُ، من باب تَعِبَ لغةٌ فيه، ثم أُطلق العقل الذي هو مصدر على الحِجَا واللُّبّ، ولهذا قال بعض الناس: العقلُ غَرِيزة يتهيّأُ بها الإنسان إلى فهم الخطاب، فالرجل عاقلٌ، والجمعُ عُقّالٌ، مثلُ: كافر وكُفّار، وربّما قيل: عُقَلاءُ، وامرأة عاقلٌ، وعاقلةٌ، كما يقال فيها: بالغٌ، وبالغةٌ، والجمعُ عَوَاقل، وعاقلات، قاله الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٤).

وحاصله أنهم يمدحونه بكمال عقله، وظرافة حاله، وجَلَد بدنه، وقوّة بنيته، ولا يمدحونه بقوّة إيمانه، وغزارة علمه النافع، وعمله الصالح، كما أكّد ذلك بقوله:

(وَمَا فِي قَلْبِهِ) الواو للحال، و"ما" نافية، أي: والحال أنه ليس في قلبه


(١) "لسان العرب" ٣/ ١٢٥.
(٢) "المفهم" ١/ ٣٥٧.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٣٨٤ - ٣٨٥.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٤٢٣.