للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هو اللَّحَم بالتحريك، يقال: لَحِمَ الرجلُ بكسر الحاء يَلْحَم بفتحها: إذا كان يشتهي اللحم.

وأما القرطبيّ في "المفهم"، فقال: تكلّف بعضهم ما لا يصح روايةً إلى آخر ما تقدّم عن القرطبيّ.

قال: وقال النوويّ: ذكر الحافظ أبو موسى أن معناه: هذا يومٌ طلبُ اللحم فيه مكروه شاقّ، قال: وهو معنى حسن، قال الحافظ: يعني طلبه من الناس كالصديق والجار، فاختار هو أن لا يحتاج أهله إلى ذلك، فأغناهم بما ذبحه عن الطلب.

ووقع في رواية منصور، عن الشعبيّ: "وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، فأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي".

قال الحافظ: ويظهر لي أن بهذه الرواية يَحصل الجمع بين الروايتين المتقدمتين، وأن وَصْفه اللحم بكونه مُشتَهًى، وبكونه مكروهًا لا تناقض فيه، وإنما هو باعتبارين، فمن حيث إن العادة جرت فيه بالذبائح، فالنفس تتشوق له يكون مُشتهًى، ومن حيث توارد الجميع عليه حتى يكثر يصير مملولًا، فأُطلقت عليه الكراهة لذلك، فحيث وصفه بكونه مشتهى أراد ابتداء حاله، وحيث وصفه بكونه مكروهًا أراد انتهاءه، ومن ثَمَّ استعجل بالذبح؛ ليفوز بتحصيل الصفة الأولى عند أهله، وجيرانه. انتهى ما في "الفتح" (١)، وهو بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم.

وقوله: (أَعِدْ نُسُكًا) بضمّتين، أو بضمّ، فسكون؛ أي: ذبيحتك (٢).

وقال ابن الأثير - رحمه الله -: قد تكرر ذِكْر المَناسِك، والنُّسُك، والنَّسِيكة في الحديث، فالمَناسِكُ: جمع مَنْسَكٍ، بفتح السين وكسرها، وهو المُتَعبَّد، ويَقَع على المصدر، والزمان، والمكان، ثم سُمِّيَت أمورُ الحجِّ كلها مَناسِكَ، والمَنْسِك: المَذْبَحُ، وقد نَسَك يَنْسُك نَسْكًا: إذا ذَبَحَ، والنَّسيكة: الذَّبيحة، وجَمْعُها: نُسُك، والنُّسْك والنُّسُك أيضًا: الطاعة، والعبادة، وكلُّ ما تُقُرِّبَ به إلى الله تعالى. انتهى (٣).


(١) "الفتح" ١٢/ ٥٤٧ - ٥٤٨.
(٢) "القاموس" ص ١٢٨٢.
(٣) "النهاية في غريب الأثر" ٥/ ١١٧.