قال الجامع عفا الله عنه: حمله على متولّي قبض الجزية في هذا الحديث بعيدٌ، فالصواب المعنى الأول، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
(وَأَمَّا الْيَوْمَ) أي: في الوقت الذي يتحدّث به بهذا الحديث (فَمَا كُنْتُ لِأُبايِعَ مِنْكُمْ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا) أي: أشخاصًا معيّنين يَثِق بهم وبدينهم وأماناتهم، وقال في "الفتح": يحتمل أن يكون ذَكَره بهذا اللفظ، ويَحتمل أن يكون سمَّى اثنين من المشهورين بالأمانة إذ ذاك، فأبهمهما الراوي، والمعنى: لستُ أَثِقُ بأحد أئتَمِنه على بيع، ولا شراء إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث حُذيفة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان"[٦٧/ ٣٧٤ و ٣٧٥](١٤٣)، و (البخاريّ) في "الرّقَاق"(٦٤٩٧)، و"الفتن"(٧٠٨٩)، و"الاعتصام بالكتاب والسنّة"(٧٢٧٦)، و (الترمذيّ) في "الفِتَن"(٢١٧٩)، و (ابن ماجة) في "الفتن"(٤٠٥٣)، و (أبو داود الطيالسيّ) في "مسنده"(٤٢٤)، و (أحمد) في "مسنده"(٥/ ٣٨٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١٤١ و ١٤٢)، و (أبو نُعيم) في "مستخرجه"(٣٦٦)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٦٧٦٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(١٠/ ١٢)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): أن فيه بيان رفع الأمانة عن القلوب، وهي التكاليف والعهود التي كلّف الله - عَزَّ وَجَلَّ - عباده بها، فهي شاملة للإيمان، وهذا وجه المطابقة في إيراده في أبواب الإيمان.
٢ - (ومنها): بيان فضل الصحابة - رضي الله عنهم - حيث إنهم آمنوا، ثم تعلموا الكتاب والسنّة، ثم عملوا بهما؛ لأن هذا الإيمان يكون أرسخ، وأعمق،