للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعجلوا إلى الاختصاص بالشيء دون بقية من يستحقه من قبل أن يقسم، ويخرج منه الخمس، فعاقبهم بالمنع من تناول ما سبقوا إليه زجرًا لهم عن معاودة مثله، ثم رجح الثاني، وزيّف الأول بأنه لو كان كذلك لم يحل أكل البعير النادّ الذي رماه أحدهم بسهم؛ إذ لم يأذن لهم الكل في رميه، مع أن رميه ذكاة له، كما نص عليه في نفس حديث الباب. انتهى ملخصًا.

وقد جنح البخاري إلى المعنى الأول، وترجم عليه حيث قال: "باب إذا أصاب قوم غنيمةً، فذبح بعضهم غنمًا، أو إبلًا بغير أمر أصحابهم لم تُؤكل؛ لحديث رافع عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. انتهى، فهذا مصير منه إلى أن سبب منع الأكل من الغنم التي طُبخت في القصّة التي ذكرها رافع بن خديج كونها لم تُقسم.

ويمكن الجواب عما ألزمه به الإسماعيلي من هذه القصة بأن يكون الرامي رَمَى بحضرة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - والجماعة، فأقرّوه، فدلّ سكوتهم على رضاهم، بخلاف ما ذبحه أولئك قبل أن يأتي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومن معه، فافترقا، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي جنح إليه البخاريّ من كون سبب المنع من أكل الغنم والإبل المطبوخة هو كونها لم تقسم هو الأرجح عندي؛ لظاهر حديث رافع - رضي الله عنه - المذكور، ولحديث أبي داود المتقدّم، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (ثُمَّ عَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِجَزُورٍ) - بفتح الجيم، بعدها زاي، وآخره راء -: البعير، أو خاصّ بالناقة المجزورة، قاله المجد رحمه اللهُ (٢).

وقال الفيّوميّ رحمه اللهُ: الجَزُورُ: من الإبل خاصًّة يقع على الذكر والأنثى، والجمع: جُزُرٌ، مثلُ رسول ورُسُلٌ، ويجمع أيضًا على جُزُرَاتٍ، ثم على جَزَائِرَ، ولفظ الجزور أنثى، يقال: رَعَت الجَزُورُ، قاله ابن الأنباريّ، وزاد الصغانيّ: وقيل: الجَزُورُ الناقة التي تُنْحَر، وجَزَرْتُ الجَزُورَ وغيرها، من باب قتل: نحرتُها، والفاعل جَزَّارٌ، والحرفة الجِزَارَةُ بالكسر، والمَجْزَرُ: موضع


(١) "الفتح" ١٢/ ٤٦٢ - ٤٦٣، كتاب "الذبائح" رقم (٥٤٩٨) و ٥٣٦ رقم (٥٥٤٣).
(٢) "القاموس المحيط" ص ٢١٣.