للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجزر، مثل جَعْفَرٍ، وربما دخلته الهاء، فقيل: مَجْزَرَةٌ. انتهى (١).

وفي رواية البخاريّ: "ثم قسم، فعدل عشرةً من الغنم ببعير"، وللنسائيّ: "ثُمَّ قَسَّمَ بَيْنَهُمْ، فَعَدَلَ عَشْرًا مِن الشَّاءِ بِبَعِيرٍ"، قال القرطبيّ رحمه اللهُ: يعني أنه - صلى الله عليه وسلم - قسم ما بقي من الغنيمة على الغانمين، فجعل عشرة من الغنم بإزاء جَزور، ولم يَحتج إلى القرعة؛ لرضا كلّ منهم بما صار إليه من ذلك، ولم يكن بينهم تشاحّ في شيء من ذلك. قال: وكأن هذه الغنيمة لم يكن فيها إلا الإبل، والغنم، ولو كان فيها غيرهما، لقُوّم جميع الغنيمة، ولَقُسم على القِيَم. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "ثم قسم، فعدل عشرة من الغنم ببعير"، وهذا محمول على أن هذا كان قيمة الغنم إذ ذاك، فلعل الإبل كانت قليلة، أو نفيسة، والغنم كانت كثيرة، أو هَزِيلة، بحيث كانت قيمة البعير عشر شياه، ولا يخالف ذلك القاعدة في الأضاحي من أن البعير يَجزي عن سبع شياه؛ لأن ذلك هو الغالب في قيمة الشاة والبعير المعتدلين، وأما هذه القسمة فكانت واقعة عين، فَيَحْتَمِل أن يكون التعديل لِمَا ذُكر من نفاسة الإبل دون الغنم، وحديث جابر - رضي الله عنه - عند مسلم صريح في الحكم حيث قال فيه: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بَدَنة، والبدنة تُطلق على الناقة والبقرة.

وأما حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: كنا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فحضر الأضحى، فاشتركنا في البقرة تسعة، وفي البدنة عشرة، فحسّنه الترمذيّ،

وصححه ابن حبان، وعضده بحديث رافع ابن خديج هذا.

قال الحافظ: والذي يتحرر في هذا أن الأصل أن البعير بسبعة، ما لم يَعْرِض عارض من نفاسة، ونحوها، فيتغيّر الحُكم بحسب ذلك، وبهذا تجتمع الأخبار الواردة في ذلك.

ثم الذي يظهر من القسمة المذكورة أنها وقعت فيما عدا ما طُبخ، وأريق من الإبل والغنم التي كانوا غنموها.

ويَحْتَمِل إن كانت الواقعة تعددت أن تكون القصة التي ذكرها ابن عباس


(١) "المصباح المنير" ١/ ٩٨.
(٢) " المفهم" ٥/ ٣٧٥.