٤ - (ومنها): أنه لا يُشرع الأذان، ولا الإقامة لصلاة العيد.
٥ - (ومنها): أن فيه مراعاة الشارع مصالح العباد؛ لأنه سيأتي في حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النهي لأجل الدّافّة التي دفّت إلى المدينة، يوم الأضحى، فأراد الشارع الحكيم أن يواسي المؤمنون هؤلاء المساكين، فتبيّن به أنه لا يأمر، ولا ينهى إلا لمصلحة، وإن لم نَصِلْ إلى معرفتها؛ لِقُصور عِلْمنا.
٦ - (ومنها): ما قيل: إنه استُدل بهذه الأحاديث، على أن النهي عن الأكل فوق ثلاث، خاص بصاحب الأضحية، فأما من أُهدي له، أو تُصدق عليه، فلا؛ لمفهوم قوله عند مسلم:"من لحم أضحيته"، وفي حديث عليّ - رضي الله عنه -: "مِن نُسُكه"، وقد جاء في حديث الزبير بن العوام، عند أحمد، وأبي يعلى ما يفيد ذلك، ولفظه: قلت: يا نبي الله، أرأيت قد نُهي المسلمون أن يأكلوا من لحم نسكهم، فوق ثلاث، فكيف نصنع بما أُهدي لنا؟ قال:"أما ما أهدي إليكم، فشأنَكم به"، فهذا نص في الهدية، وأما الصدقة، فإن الفقير لا حَجر عليه في التصرف، فيما يُهدَى له؛ لأن القصد أن تقع المواساة من الغنيّ للفقير، وقد حصلت، أفاده في "الفتح"(١)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في النهي عن ادّخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث:
(اعلم): أنهم اختلفوا في ذلك على مذاهب:
(المذهب الأول): أنه كان للتحريم، وأنه منسوخٌ بالأحاديث الآتية الموضّحة لذلك، حكاه النوويّ عن جماهير العلماء، قال: وهذا من نَسخ السُّنَّة بالسُّنَّة، قال: والصحيح نَسخ النهي مطلقًا، وأنه لم يبق تحريم، ولا كراهة، فيُباح اليوم الادّخار فوق ثلاثة، والأكل إلى متى شاء، كصريح حديث بُريدة وغيره، وكذا قال في "شرح المهذّب": الصواب المعروف أنه لا يحرم الادّخار اليوم بحال، وسبقه إلى ذلك الرافعيّ، فقال: والظاهر أنه لا تحريم اليوم بحال.