للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طَا تَا افْتِعَالٍ رُدَّ إِثْرَ مُطْبَقِ … فِي ادَّانَ وَازْدَدْ وَادَّكِرْ دَالًا بَقِي

(وَتَصَدَّقُوا") قال النوويّ رحمه اللهُ: هذا تصريح بزوال النهي عن ادّخارها فوق ثلاث، وفيه الأمر بالصدقة منها، والأمر بالأكل، فأما الصدقة منها، إذا كانت أضحية تطوّع، فواجبة على الصحيح عند أصحابنا بما يقع عليه الاسم منها، ويستحبّ أن يكون بمعظمها، قالوا: وأدنى الكمال أن يأكل الثلث، ويتصدّق بالثلث، ويُهدي الثلث. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.

[تنبيه]: قد أشرت فيما مضى أن أول هذا الحديث مرسل، قال الحافظ رشيد الدين العطّار رحمه اللهُ في "غرر الفوائد": هذا مرسل، فإن عبد الله بن واقد تابعيّ يروي عن عبد الله بن عمر وغيره، وهو عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ولم يحتجّ مسلم بهذا المرسل، إنما احتج بباقي الحديث، وهو قول عبد الله بن أبي بكر بن حزم: فذكرت ذلك لعمرة، فقالت: صدق، سمعت عائشة - رضي الله عنها - تقول: دَفّ أهل أبيات، من أهل البادية حضرةَ الأضحى، زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادّخِرُوا ثلاثًا … " الحديث، وهذا مسند، ولا يخفى على من له أُنْسٌ بعلم الرواية أن هذا المسند من هذا الحديث هو الذي احتجّ به مسلم، وقد رواه القعنبيّ عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة به، لم يذكر فيه عبد الله بن واقد، وكذلك رواه يحيى القطان عن مالك أيضًا، وأخرجه أبو داود في "سننه" عن القعنبيّ كذلك، وأخرجه النسائيّ أيضًا في "سننه" عن عبيد الله بن سعيد، وهو أبو قُدامة السرخسيّ، عن يحيى، وهو القطان، فيما علمت عن مالك، كذلك.

وأما المرسل الذي في أوله، فإنه متصلٌ في كتاب مسلم من حديث ابن عمر وغيره، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. انتهى كلام الحافظ العطّار رحمه اللهُ (٢).


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٣١.
(٢) "غرر الفوائد" ١/ ٢٨٤ - ٢٨٥.