للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ حُذَيْفَةُ) - رضي الله عنه - (وَحَدَّثْتُهُ) أي: عمرَ - رضي الله عنه - (أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا) أي: الفنتة (بَابًا مُغْلَقًا) معناه أنّ تلك الفِتَن لا يَخرُج شيءٌ منها في حياتك.

وفي رواية للبخاريّ: "يا أمير المؤمنين لا بأس عليك منها، إن بينك وبينها بابًا مُغْلقًا".

قال في "الفتح": وكأنه مثّل الفِتَنَ بدار، ومَثَّل حياةَ عمر - رضي الله عنه - بباب لها مُغلَق، ومثّل موته بفتح ذلك الباب، فما دامت حياة عمر موجودةً فهي الباب المُغلَق لا يخرُج مما هو داخل تلك الدار شيء، فإذا مات فقد انفتح ذلك الباب، فخرج ما في تلك الدار. انتهى (١).

(يُوشِكُ) بضمّ الياء، وكسر الشين، أي: يَقرُبُ (أَنْ يُكْسَرَ) بالبناء للمفعول (قَالَ عُمَرُ) - رضي الله عنه - (أَكَسْرًا) مفعول مطلق لفعل مقدّر، أي: أيُكسَر كسرًا، فإن المكسور لا يُمكن إعادته، بخلاف المفتوح، ولأن الكسر لا يكون غالبًا إلا عن إكراه، وغَلَبةٍ، وخلاف عادة.

وفي رواية الأعمش المذكورة: "قال: يُفتح الباب، أو فَيُكسَرُ الباب أم يُفتح؟ قال: قلت: لا، بل يُكسر، قال: ذلك أحرى أن لا يُغلق أبدًا"، ولفظ البخاريّ في "الصيام": "ذاك أجدر أن لا يُغلق إلى يوم القيامة".

قال ابن بطال رحمه الله: إنما قال ذلك؛ لأن العادة أن الغَلْق إنما يقع في الصحيح، فأما إذا انكسر فلا يُتَصَوَّر غلقه حتى يُجْبَر. انتهى.

قيل: "ويحتمل أن يكون كَنَى عن الموت بالفتح، وعن القتل بالكسر" (٢).

(لَا أَبَا لَكَ؟) قال صاحب "التحرير": هذه كلمة تَذْكُرُها العرب للحثّ على الشيء، ومعناها أن الإنسان إذا كان له أبٌ، وحَزَبَهُ أَمْرٌ، ووَقَع في شدّة عاونه أبوه، ورفع عنه بعضَ الكَلّ، فلا يَحتاج من الجِدّ والاهتمام إلى ما يَحتاج إليه حالةَ الانفراد، وعدم الأب المعاون، فإذا قيل: لا أبا لك، فمعناه: جِدَّ في هذا الأمر، وشَمِّر، وتَأَهَّبْ تَأَهُّبَ مَن ليس له مُعاوِن. انتهى (٣).


(١) "الفتح" ٦/ ٧٠١ "كتاب المناقب" (٣٥٨٦).
(٢) راجع: ٦/ ٧٠١ "كتاب المناقب" رقم الحديث (٣٥٨٦).
(٣) راجع: "شرح النوويّ" ٢/ ١٧٣.