للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الآية [النساء: ٤٣]: فتركها بعض الناس، وقالوا: لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة، وشَرِبها بعض الناس في غير أوقات الصلاة، حتى نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ} الآية [المائدة: ٩٠]، فصارت حرامًا عليهم، حتى صار يقول بعضهم: ما حرَّم الله شيئًا أشد من الخمر، وقال أبو ميسرة: نزلت بسبب عمر بن الخطاب، فإنه ذكر للنبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عيوب الخمر، وما ينزل بالناس من أجلها، ودعا الله في تحريمها، وقال: اللَّهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت هذه الآيات، فقال عمر: انتهينا انتهينا.

وروى أبو داود، عن ابن عباس، قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الآية [النساء: ٤٣]، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} الآية [البقرة: ٢١٩] نسختها التي في المائدة: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ} الآية [المائدة: ٩٠]، وفي "صحيح مسلم" عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: نزلت فيّ آيات من القرآن، وفيه قال: وأَتيت على نفر من الأنصار، فقالوا: تعال، نطعمك، ونسقيك خمرًا، وذلك قبل أن تحرَّم الخمر، قال: فأتيتهم في حَشّ - والْحَشّ البستان -، فإذا رأس جَزُور مشويّ عندهم، وزِقّ من خمر، قال: فأكلت، وشربت معهم، قال: فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم، فقلت: المهاجرون خير من الأنصار، قال: فأخذ رجل لَحْي جمل فضربني به، فجرح أنفي، وفي رواية: ففزره، وكان أنف سعد مفزورًا، فأتيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبرته، فانزل الله تعالى فِيَّ - يعني: نفسه - شأن الخمر: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} الآية [المائدة: ٩٠]. ذكره القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): هذه الأحاديث تدل على أنَّ شرب الخمر، كان إذ ذاك مباحًا، معمولًا به معروفًا عندهم، بحيث لا يُنكر، ولا يغيَّر، وأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقرّهم عليه، وهذا ما لا خلاف فيه، تدل عليه آية النساء: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣]، على ما تقدم، وهل كان يباح لهم شرب القدر الذي يُسكر؟، حديث حمزة - رضي الله عنه - ظاهر فيه حين بقر خواصر ناقتي علي - رضي الله عنهما -، وجَبّ أسنمتهما، فأخبر عليٌّ بذلك النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فجاء إلى حمزة، فصدر عن