للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من مسند طارق، قال المقدسيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "المختارة" بعد ذكر الاختلاف ما نصّه: فيكون - والله أعلم - سمعه علقمة بن وائل من أبيه، ومن طارق بن سويد. انتهى (١)، فكأنه يرى أن الحديث محفوظ من كلتا الطريقين.

ويرى الشيخ أحمد محمد شاكر - رَحِمَهُ اللهُ - في تعليقه على "المحلّى" ترجيح كونه من مسند وائل ابن حجر، كما هو رأي مسلم، ودونك عبارته:

قال - ردًّا على ابن حزم في تضعيفه الحديث بسماك بن حرب بأنه يقبل التلقين - قال: سماك بن حرب ثقةٌ، وكان تغتر في آخر حياته، فربّما لُقّن، ولذلك كان من سمع منه قديمًا، مثل شعبة، وسفيان، فحديثهم صحيح مستقيم، وهذا الحديث رواه مسلم، وأبو داود، والترمذيّ، والطيالسيّ، وأحمد كلهم من طريق شعبة، عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، وفي لفظ أحمد: "أنه شهد النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - … إلخ"، ورواه أحمد أيضًا من طريق إسرائيل، عن سماك، وفي جميع هذه الروايات الحديث من رواية وائل بن حُجْر.

ورواه أحمد، وابن ماجة من طريق حماد بن سلمة، عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن طارق بن سُويد، فجعله حماد من مسند طارق، وهو مُحْتَمِل، إلَّا أني أرجّح خطأ حماد في هذا، فقد خالفه شعبة، وإسرائيل - وهما أحفظ منه - فجعلاه من مسند وائل بن حجر والدِ علقمة، ويؤيّد هذا أن علقمة روى الشكّ في اسم طارق بن سُويد، فلو كان رُوي عنه الحديث مباشرة لرفع هذا الشكّ، والحديث فيما نرى صحيح من طريق شعبة، وإسرائيل، والله أعلم. انتهى كلام الشيخ أحمد شاكر - رَحِمَهُ اللهُ - (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا البحث الذي كتبه الشيخ أحمد شاكر - رَحِمَهُ اللهُ - بحث نفيس جدًّا، خلاصته ترجيح ما رجّحه مسلم - رَحِمَهُ اللهُ -، من كون الحديث من مسند وائل بن حُجر، لا من مسند طارق بن سُويد، كما هو رواية حماد بن سلمة، وذلك لاتفاق شعبة وإسرائيل عليه، ومخالفة حماد بن سلمة لهما لا تؤثّر في ذلك؛ لأنه دونهما في الحفظ، فتنبّه، والله تعالى أعلم.


(١) "الأحاديث المختارة" ٨/ ١٠٨.
(٢) راجع: "تعليق أحمد محمد شاكر - رَحِمَهُ اللهُ -" على "المحلّى" لابن حزم - رَحِمَهُ اللهُ - ١/ ١٧٥.