للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نشرب؟ قال: "في أسقية الأَدَمِ"، قال: ويَحْتَمِل أن تكون الرواية في الأصل كانت: لَمّا نَهَى عن النبيذ إلَّا في الأسقية، فسقط من الرواية شيء. انتهى.

وسبقه إلى هذا الحميديّ، فقال في "الجمع": لعله نقص منَ لفظ المتن، وكان في الأصل: لمّا نَهَى عن النبيذ إلَّا في الأسقية.

وقال ابن التين: معناه: لمّا نهى عن الظروف إلَّا الأسقية، قال الحافظ: وهو عجيب، والذي قاله الحميديّ، أقرب، وإلا فحَذْف أداة الاستثناء مع المستثنى منه، وإثبات المستثنى غير جائز، إلَّا إن ادَّعَى ما قال الحميديّ أنه سقط على الراوي.

وقال الكرمانيّ: يَحْتَمِل أن يكون معناه: لمّا نهى في مسألة الأنبذة عن الجِرار، بسبب الأسقية، قال: ومجيء "عن" سببية شائع، مثل: يَسْمَنُون عن الأكل، أي: بسبب الأكل، ومنه: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} الآية [البقرة: ٣٦]؛ أي: بسببها.

قال الحافظ: ولا يخفى ما فيه، ويظهر لي أن لا غَلَط، ولا سَقْط، وإطلاق السقاء على كلّ ما يُسْقَى منه جائز، فقوله: "نَهَى عن الأسقية" بمعنى الأوعية؛ لأنَّ المراد بالأوعية: الأوعية التي، يُستقى منها، واختصاص اسم الأسقية بما يُتخذ من الأَدَمِ إنما هو بالعُرف.

وقال ابن السِّكِّيت: السقاء يكون للّبن، والماء، والوَطْبُ بالواو للّبن خاصّةً، والنِّحْي بكسر النون، وسكون المهملة للسَّمْن، والقربةُ للماء، وإلا فمن يجيز القياس في اللغة لا يَمنع ما صَنَع سفيان، فكأنه كان يرى استواء اللفظين، فحدّث به مرّةً هكذا، ومرارًا هكذا، ومن ثَمَّ لَمْ يَعُدّها البخاريّ وَهَمًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن ما تقدّم من توهيم عياض، وغيره لرواية "الأسقية" هو الأظهر، وقد تقدّم في أول كلام الحافظ ترجيحه لها، وأن البخاريّ تفطّن لِمَا فيها، والحاصل أن رواية مسلم بلفظ "الأوعية" سالمة، فتفطّن، والله تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ١٢/ ٦٣٦، كتاب "الأشربة" رقم (٥٥٩٣).