للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "المشارق": وقوله: "أُعطي جوامع الكلم بخواتمه"، وعند العذريّ: "جوامع الكلم وخواتمه"، هما بمعنى جَمْعِ المعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة، والختم عليها بضمّها في تلك الكلمات، كما يُختم على ما في الكتاب. انتهى (١).

وقال في "العمدة": قوله: "بجوامع الكلم" قال ابن التين: جوامع الكلم: القرآن؛ لأنه يقع فيه المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة، وكذلك يقع في الأحاديث النبوية الكثير من ذلك، وقال الخطابيّ: معناه إيجاز الكلام في إشباع المعاني، قال العينيّ: الإضافة في "جوامع الكلم" من إضافة الصفة إلى الموصوف، وهي الكلمة الموجزة لفظًا المتَّسعة معنًى؛ يعني: يكون اللفظ قليلًا، والمعنى كثيرًا، وقالوا: فيه الحثّ على استخراج تلك المعاني، وتبيين تلك الدقائق المودَعة فيها، وقال ابن شهاب - فيما ذكره الإسماعيليّ -: بلغني أن جوامع الكلم أن الله تعالى يَجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تُكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد، أو الأمرين، أو نحو ذلك. انتهى (٢).

وقال في "الفتح" ما حاصله: دخول القرآن في قوله: "بُعثت بجوامع الكلم" لا شك فيه، وإنما النزاع: هل يدخل غيره من كلامه من غير القرآن؟ وقد ذكروا من أمثلة جوامع الكلم في القرآن قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)} [البقرة: ١٧٩]، وقوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٥٢)} [النور: ٥٢] إلى غير ذلك، ومن أمثلة جوامع الكلم من الأحاديث النبوية حديث عائشة: "كلُّ عمل ليس عليه أمرنا فهو ردّ"، وحديث: "كلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل"، متَّفقٌ عليهما، وحديث أبي هريرة: "وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"، متّفقٌ عليه أيضًا، وحديث المقدام: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطنه … " الحديث، أخرجه الأربعة، وصححه ابن حبان، والحاكم إلى غير ذلك، مما يكثر بالتتبع، وإنما يُسَلَّم ذلك فيما لَمْ تتصرف الرواة في ألفاظه، والطريق إلى معرفة ذلك أن تَقِلَّ مخارج الحديث، وتتفق ألفاظه، وإلا فإن مخارج الحديث


(١) "مشارق الأنوار" ١/ ٢٣٠.
(٢) "عمدة القاري" ١٤/ ٢٣٥.