للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إذا كثرت قلّ أن تتفق ألفاظه؛ لِتوارد أكثر الرواة على الاقتصار على الرواية بالمعنى بحسب ما يظهر لأحدهم أنه وافٍ به، والحامل لأكثرهم على ذلك أنهم كانوا لا يكتبون، ويطول الزمان، فيتعلق المعنى بالذهن، فيرتسم فيه، ولا يستحضر اللفظ، فيحدّث بالمعنى؛ لمصلحة التبليغ، ثم يظهر من سياق ما هو أحفظ منه أنه لَمْ يُوفّ بالمعنى. انتهى (١).

وقال الحافظ ابن رجب - رَحِمَهُ اللهُ - في أول كتابه الممتع "جامع العلوم والحكم": أما بعد: فإن الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بعث محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجوامع الكلم، وخصّه ببدائع الحِكَم، كما في "الصحيحين"، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "بُعِثت بجوامع الكلم"، قال الزهريّ: جوامع الكلم - فيما بلغنا - أن الله تعالى يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تُكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد، والأمرين، ونحو ذلك.

وأخرج الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: خرج علينا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومًا، كالمودِّع، فقال: "أنا محمد النبيّ الأُميّ" قال ذلك ثلاث مرات، "ولا نبيّ بعدي، أوتيت فواتح الكلم، وخواتمه، وجوامعه"، وذكر الحديث (٢).

وأخرج أبو يعلى الموصليّ من حديث عمر بن الخطاب، عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إني أوتيت جوامع الكلم، وخواتمه، واختُصِر لي الكلام اختصارًا".

وأخرج الدارقطنيّ - رَحِمَهُ اللهُ - من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "أعطيت جوامع الكلم، واختُصِر لي الحديث اختصارًا" (٣).

قال: ورَوينا من حديث عبد الرَّحمن بن إسحاق القرشيّ، عن أبي بُردة، عن أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: "أعطيت فواتح الكلم، وخواتمه، وجوامعه"، فقلنا: يا رسول الله علِّمنا مما علمك الله - عَزَّ وَجَلَّ -، قال: فعلَّمنا التشهد.


(١) "الفتح" ١٣/ ٢٤٨.
(٢) في سنده ابن لهيعة، وهو متكلّم فيه.
(٣) "سنن الدارقطنيّ" ٤/ ١٤٤ - ١٤٥، وفي سنده ضعف.