للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَلَمَّا كَلَّمَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ) قال القرطبيّ رحمه الله: هذا يدلّ على أنها لم تعرفه، ولم تَعرف ما يراد منها، ولذلك قالت لَمّا أُخبرت بمن هو، وبما أُريدَ بها: "أنا كنت أشقى من ذلك". انتهى (١).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("قَدْ أَعَذْتُكِ مِني") قال القرطبيّ رحمه الله: هذا منه - صلى الله عليه وسلم - جواب لقولها، وموافقة لها على قصدها وذلك أنه فَهِم منها كراهية من قولها، ومن حالها؛ إذ كانت مُعْرِضةً عمَّن يُكلِّمُها، ولعلَّها لم تعجبه لا خُلُقًا، ولا خَلْقًا. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: معناه: تركتك، وتركُهُ - صلى الله عليه وسلم - تزوّجَها؛ لأنها لم تعجبه؛ إما لصورتها، وإما لخُلُقها، وإما لغير ذلك، وفيه دليل على جواز نظر الخاطب إلى من يريد نكاحها، وفي الحديث المشهور أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من استعاذكم بالله فأعيذوه"، فلما استعاذت بالله تعالى لم يجد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بُدًّا من إعاذتها، وتركها، ثم إذا ترك شيئًا لله تعالى لا يعود فيه، والله أعلم. انتهى (٣).

(فَقَالُوا لَهَا: أتدْرِينَ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَتْ: لَا، فَقَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَكِ لِيَخْطُبَك، قَالَتْ: أنا كنْتُ أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ) قال في "العمدة": ليس أفعل التفضيل هنا على بابه، وإنما مرادها إثبات الشقاء لها؛ لِمَا فاتها من التزوج برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (٤).

(قَالَ سَهْلٌ) - رضي الله عنه - (فَأَقبَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ، حَتَّى جَلَسَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ) هي ساباط (٥) كانت لبني ساعدة الأنصاريين، وهو المكان الذي وقعت فيه البيعة لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، قاله في "العمدة" (٦).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: السَّقيفة: الصُّفّة، وكلّ ما سُقّف من جناح وغيره، وسقيفة بني ساعدة كانت ظُلّة، وقيل: صُفّةً، والجمع سَقَائف. انتهى (٧).


(١) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ١٧/ ١٣.
(٢) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ١٧/ ١٣.
(٣) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٧٨.
(٤) "عمدة القاري" ٢١/ ٢٠٥.
(٥) "الساباط": سَقِيفة تحتها ممرّ نافذٌ، والجمع سوابط. اهـ. "المصباح".
(٦) "عمدة القاري" ٢١/ ٢٠٥.
(٧) "المصباح المنير" ١/ ٢٨٠.