للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(هُوَ) - صلى الله عليه وسلم - (وَأَصْحَابُهُ) - رضي الله عنهم - (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("اسْقِنَا") يجوز وصل همزته،

وقَطْعها؛ لأنه يقال: سقاه ثلاثيًّا، كما في قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١) ويقال: أسقاه رباعيًّا، كما في قوله تعالى: {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦)}. (لِسَهْلِ) بن سعد - رضي الله عنه -، قال القرطبيّ رحمه الله: هذا دليل على التبسّط مع الصَّدِيق، واستدعاء ما عنده من طعام، أو شراب، وهذا لا خلاف فيه إذا كان الصديق ملاطفًا، طيّب النفس، وعُلم من حاله ذلك، وهذا الذي قال الله تعالى فيهم: {أَو صَدِيقِكُمْ} [النور: ٦١] (١).

وقوله: (لِسَهْلٍ) متعلّق بـ "قال"، لا بـ"اسقنا"، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

ووقع عند أبي نعيم: "فقال: اسقنا يا أبا سعد"، قال الحافظ: والذي أعرفه في كنية سهل بن سعد: أبو العبّاس (٢)، فلعلّ له كنيتين، أو كان الأصل: "يا ابن سعد" فتحرّفت. انتهى (٣).

(قَالَ: فَأَخْرَجْتُ لَهُمْ)؛ أي: للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، (هَذَا الْقَدَحَ) مشيرًا إلى قدح معيّن معه، (فَأَسْقَيْتُهُمْ فِيه، قَالَ أَبُو حَازِمٍ) سلمة بن دينار: (فَأَخْرَجَ لنَا سَهْلٌ ذَلِكَ الْقَدَحَ) الذي شربه منه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، (فَشَرِبْنَا فِيهِ) تبرّكًا بأثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (قَالَ) أبو حازم (ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ)؛ أي: طلب من سهل أن يهبه، ويعطيه ذلك القدح (بَعْدَ ذَلِكَ)؛ أي: بعدما شرب منه أبو حازم وأصحابه، (عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ) برفع "عمر" على أنه فاعل لـ"استوهبه"، وهو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي أمير المؤمنين الخليفة الراشد، المتوفّى في رجب سنة إحدى ومائة، وعمره أربعون سنةً، ومدّة خلافته سنتان ونصف، تقدّمت ترجمته في "المقدّمة" ٦/ ٤٦.

وكان استيهابه - رضي الله عنه - له لَمّا كان هو متولي إمرة المدينة حيث كان أميرها


(١) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٢٧٦.
(٢) ذكر الحافظ المزّيّ رحمه الله في ترجمته من "تهذيب الكمال" (١٢/ ١٨٨) أن له كنيتين: أبو العبّاس، ويقال: أبو يحيى.
(٣) "الفتح" ١٢/ ٧٠٠، كتاب "الأشربة" رقم (٥٦٣٧).