للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للوليد، قال في "الفتح": وليست الهبة هنا حقيقةً، بل من جهة الاختصاص. انتهى (١).

(فَوَهَبَهُ لَهُ)؛ أي: أعطاه إياه، قال القرطبيّ رحمه الله: واستيهابُ عمر بن عبد العزيز القدح من سهل - رضي الله عنه -؛ إنما كان على جهة التَّبُّرك بآثار النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يزل ذلك دأب الصحابة والتابعين وأتباعهم، والفضلاء في كلِّ عصر، فكان أصحابه يتبرَّكون بوضوئه، وشرا به، وبعرقه، ويستشفون بِجُبَّته، ويتبركون بآثاره، ومواطنه، وَيَدْعون، ويصلُّون عندها، وهذا كلُّه عملٌ بمقتضى الأمر بالتعزير، والتعظيم، ونتيجة الْحُبِّ الصحيح، رزقنا الله الحظَّ الأكبر من تعظيمه - صلى الله عليه وسلم -، ومحبَّته، وحشرنا في زمرته. انتهى (٢).

وقوله: (وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ) شيخه الثاني (قَالَ: "اسْقِنَا يَا سَهْلُ" يعني: أن أبا بكر بن إسحاق قال في روايته: "اسقنا يا سهل" بدل قول محمد بن سهل شيخه الأول: "قال: اسقنا لسهل"، وهذا من العناية والاحتياط والورع في أداء ما سمعه من شيوخه من الألفاظ المختلفة، وإن لم يختلف بها المعنى، فلله درّ المحدّثين حيث يحتاطون في أداء ما سمعوه كما سمعوه، وللإمام مسلم رحمه الله من هذا القدح المعلّى، والْمُثُل الفُضلى، وقد نالتهم دعوة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - المباركة، فقد أخرج أصحاب السنن، وصححه الترمذيّ، وابن حبّان عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، قال: سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نَضَّرَ الله امرءًا، سمع منا شيئًا، فبلَّغه كما سَمِع، فرُبَّ مُبَلَّغ أوعى من سامع".

فَهَؤُلَاءِ أُمَنَاءُ السُّنَهْ … جَزَاهُمُ الله فَسِيحَ الْجَنّهْ

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث سهل بن سعد الساعديّ - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخرجه:


(١) "الفتح" ١٢/ ٧٠١، كتاب "الأشربة" رقم (٥٦٣٧).
(٢) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٢٧٦.