للصالح منهم، والطالح، فأغنى ذلك عن الإكثار، والأسماء لا تؤخذ قياسًا، فإنما هي على حساب ما علّمها اللَّه تعالى -صلى اللَّه عليه وسلم- أسماء علامات للمسمَّيات.
قال: وقد حَمَل قوم هذا الحديث، وما كان مثله على المجاز، فقالوا في قوله:"إن الشيطان يأكل بشماله": إن الأكل بالشمال أكل يُحبه الشيطان، كما قال في الخمرة: زينة الشيطان، وفي الاقتعاط بالعمامة: عمامة الشيطان؛ أي: إن الخمرة، ومثل تلك العِمّة يزيّنها الشيطان، ويدعو إليها، وكذلك يدعو إلى الأكل بالشمال، ولزيّنه.
قال: وهذا عندي ليس بشيء، ولا معنى لحمل شيء من الكلام على المجاز، إذا أمكنت فيه الحقيقة بوجهٍ ما.
وقال آخرون: أكل الشيطان صحيح، ولكنه تَشَمُّم، واسترواح، لا مضغ، ولا بلع، وإنما المضغ والبلع لذوي الجثث، ويكون استرواحه، وشمّه من جهة شماله، ويكون بذلك مشاركًا في المال.
قال أبو عمر: أكثر أهل العلم بالتأويل يقولون في قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ} قالوا: الإنفاق في الحرام، {وَالْأَوْلَادِ}[الإسراء: ٦٤] قالوا: الزنا.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: القول بأن أكل الشيطان تشمّم مخالف للنصوص الصريحة بكون الشيطان يأكل، فتأويل أكله بالشمّ غير صحيح، وقد أشار ابن عبد البرّ إلى ردّه، بقوله:
ومن الدليل على أن الشياطين من الجنّ يأكلون، ويشربون، قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في العظم، والروثة في حديث الاستنجاء:"هي زاد إخوانكم من الجنّ"، وفي غير هذا الحديث أن طعامهم ما لم يُذكَر اسم اللَّه عليه، وما لم يُغسل من الأيدي، والصحاف، وشرابهم الْجَدَف، وهي الرِّغْوة، والزَّبَد، وهذه أشياء لا تُدرك بعقل، ولا تقاس على أصل، وإنما فيه التسليم لمن آتاه اللَّه تعالى من العلم ما لم يؤتنا، وهو نبيّنا -صلى اللَّه عليه وسلم-. انتهى (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.
٣ - (ومنها): أنه ينبغي اجتناب الأفعال التي تشبه أفعال الشياطين.