للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه إثبات اليدين للشياطين.

٥ - (ومنها): اهتمام الشرع في تعليم الأمة أمر دينها، حتى في حالة الأكل والشرب، واللَّه تعالى أعلم.

[تنييه]: ذكر الحافظ ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "التمهيد" بحثًا يتعلّق بالجنّ، والشيطان أحببت إيراده لفائدته، قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي هذا الحديث، حديث ابن عمر المذكور في هذا الباب ما يرفع الإشكال، قوله: "إن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله"، ويَحْتَمل أن يكون الجن كلهم يأكلون، ويشربون، ويَحْتَمِل أن يكون كذلك بعضهم، جنس منهم، ثم أخرج بسنده عن وهب بن منبه أنه سئل عن الجنّ، ما هم؟ وهل يأكلون، ويشربون، ويموتون؟ ويتناكحون؟ قال: هم أجناس: فأما الذين هم خالص الجنّ فهم ريح، لا يأكلون، ولا يشربون، ولا يتوالدون، ومنهم أجناس يأكلون، ويشربون، ويتناكحون، ويتوالدون، ويموتون، ومنهم السَّعَالي، والغُول، والقطرب، وأشباه ذلك.

قال: فهذا وهب بن منبه قد قال ما ترى -واللَّه أعلم-.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قول وهب لا يكون حجة في ردّ ما صحّ لدينا عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من أن الجنّ والشياطين يأكلون، ويشربون على الإطلاق، فَوَهَب كان ممن يتحدّث بالإسرائيّليات، فلا حجة في قوله، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

قال: ولأهل الكلام وغيرهم أقاويل في إدراك الجنّ بالأبصار، وفي دخولهم في الإنسان، وهل هم مكلفون، أو غير مكلفين؟ ليس بنا حاجة إلى ذِكر شيء من ذلك في كتابنا هذا؛ لأنه ليس بموضع. ذلك، وهم عند الجماعة مكلَّفون، مخاطبون، لقوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الرحمن: ٣٣]، وقوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٣)} [الرحمن: ١٣]، وقوله: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١)} [الرحمن: ٣١]، وقوله: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦)} [الرحمن: ٥٦]، ولا يختلفون أن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- رسول إلى الإنس والجن، نذير، وبشير، دهذا مما فُضِّل به على الأنبياء، أنه بعث إلى الخلق كافّة: الجنّ، والإنس، وغيرُه لم يُرسل إلا بلسان قومه، ودليل ذلك، ما نطق به القرآن فن دعائهم إلى الإيمان بقوله في مواضع من كتابه: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الرحمن: ٣٣]، والجنّ عند أهل الكلام، وأهل العلم باللسان ينزلون على