للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الاختناث بخاء معجمة، ثم تاء مثناة فوقُ، ثم نون، ثم ألف، ثم مثلثة، وقد فسّره في الحديث، وأصل هذه الكلمة: التكسر، والانطواء، ومنه سُمّي الرجل المتشبه بالنساء في طبعه، وكلامه، وحركاته مُخَنّثًا.

قال: واتفقوا على أن النهي عن اختناثها نهي تنزيه، لا تحريم، ثم قيل: سببه أنه لا يؤمَن أن يكون في السِّقاء ما يؤذيه، فيدخل في جوفه، ولا يدري، وقيل: لأنه يُقَذِّره على غيره، وقيل: إنه يُنتنه، أو لأنه مستقذر.

وقد رَوَى الترمذيّ وغيره عن كبشة بنت ثابت، وهي أخت حسان بن ثابت - رضي الله عنهما - قالت: دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فشرب من قِربة معلَّقة قائمًا، فقمت إلى فيها فقطعته، قال الترمذيّ: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ.

وقَطْعُها لفم القربة فَعَلَتْه لوجهين:

أحدهما: أن تصون موضعًا أصابه فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أن يُبتذل، ويمسّه كل أحد.

والثاني: أن تحفظه؛ للتبرك به، والاستشفاء، والله أعلم.

فهذا الحديث يدلّ على أن النهي ليس للتحريم. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (١)، وهو بحث حسنٌ، والله تعالى أعلم.

زاد في رواية البخاريّ بعد قوله: "عن اختناث الأسقية" ما نصّه: "يعني أن تُكسر أفواهها، فيُشرب منها"، فقال في "الفتح": قوله: "يعني أن تُكسر أفواهها، فيُشرب منها" المراد بكسرها ثَنْيُها، لا كسرها حقيقةً، ولا إبانتها، والقائل: "يعني" لم يصَرَّح به في هذه الطريق، ووقع عند أحمد، عن أبي النضر، عن ابن أبي ذئب بحذف لفظ "يعني" فصار التفسير مدرَجًا في الخبر.

ووقع في الرواية الثانية: قال عبد الله -هو ابن المبارك -: قال معمر - هو ابن راشد - أو غيره: هو الشرب من أفواهها، وعبد الله بن المبارك روى المرفوع عن يونس، عن الزهريّ، وروى التفسير عن معمر، مع التردد.

وقد أخرجه الإسماعيليّ من طريق ابن وهب، عن يونس، وابن أبي ذئب معًا مدرجًا، ولفظه: "ينهى عن اختناث الأسقية، أو الشرب أن يشرب من


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٩٤.