من حديث أنس، ومن حديث أبي هريرة أيضًا، والعلة المذكورة لا تمنع ما ذكره الشيخ، فقد يكون للحكم علتان فأكثر، والتنصيص على واحدة لا ينفي غيرها، وقد أبدى عياض علة أخرى، فقال: إنما أَمر بذلك؛ لئلا يُتهاون بقليل الطعام. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦/ ٥٢٨٣ و ٥٢٨٤](٢٠٣١)؛ و (البخاريّ) في "الأطعمة"(٥٤٥٦)، و (أبو داود) في "الأطعمة"(٣٨٤٧)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٤/ ١٧٩)، و (ابن ماجه) في "الأطعمة"(٣٣١١)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(٥/ ١٣٣)، و (الحميديّ) في "مسنده"(١/ ٢٢٩)، و (أحمد) في "مسنده"(١/ ٢٢١ و ٢٩٣ و ٣٤٦ و ٣٧٠)، و (عبد بن حميد) في "مسنده"(٦٢٦)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٥/ ١٦٦)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(١١/ ١٦٦)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٤/ ٣٨٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٧/ ٢٧٨)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان النهي عن مسح اليد بعد الأكل حتى يلعقها، أو يُلعقها.
٢ - (ومنها): الرد على من كَرِه لعق الأصابع استقذارًا، قال في "الفتح": نعم يحصل ذلك لو فعله في أثناء الأكل؛ لأنه يعيد أصابعه في الطعام، وعليها أثر ريقه، قال الخطابيّ: عاب قوم أفسد عقلهم الترفّه، فزعموا أن لعق الأصابع مستقبح، كأنهم لم يعلموا أن الطعام الذي عَلِق بالأصابع، أو الصحفة جزء من أجزاء ما أكلوه، وإذا لم يكن سائر أجزائه مستقذرًا لم يكن الجزء اليسير منه مستقذرًا، وليس في ذلك أكبر من مصّه أصابعه بباطن شفتيه، ولا يشك عاقل في أن لا بأس بذلك، فقد يُمضمض الإنسان، فيدخل أصبعه في
(١) "الفتح" ١٢/ ٣٨٢ - ٣٨٣، كتاب "الأطعمة" رقم (٥٤٥٦).