للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيه، فيدلك أسنانه، وباطن فمه، ثم لم يقل أحد: إن ذلك قذارة، أو سوء أدب. انتهى.

٣ - (ومنها): أن فيه استحبابَ مسح اليد بعد الطعام، قال عياض: محله فيما لم يُحتج فيه إلى الغسل مما ليس فيه غَمَرٌ (١) ولُزوجة، مما لا يذهبه إلا الغسل؛ لِمَا جاء في الحديث من الترغيب في غسله، والتحذير من تركه، كذا قال.

قال الحافظ: وحديث الباب يقتضي منع الغسل والمسح بغير لَعْق؛ لأنه صريح في الأمر باللعق دونهما؛ تحصيلًا للبركة، نعم قد يتعيَّن الندب إلى الغسل بعد اللعق؛ لإزالة الرائحة، وعليه يُحمل الحديث الذي أشار إليه، وقد أخرجه أبو داود بسند صحيح، على شرط مسلم، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، رفعه: "مَن بات وفي يده غَمَرٌ، ولم يغسله، فأصابه شيء، فلا يلومنّ إلا نفسه"، وأخرجه الترمذيّ دون قوله: "ولم يغسله".

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فلا يمسحها. . . إلخ" هذا يدلّ على جواز مسح اليد من الطعام بالمنديل قبل الغسل، لكن بعد لعقها، وهو محمول على ما إذا لم من يكن في الطعام غَمَر، أمَّا إذا كان فيه غَمَرٌ فينبغي أن يغسلها؛ لِمَا جاء في الترمذيّ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: "من نام وفي يده غَمَرٌ، فأصابه شيء فلا يلومنّ إلا نفسه"، قال: حديث حسن غريب، وقد ذهب قومٌ إلى استحباب غسل اليد قبل الطعام وبعده؛ لِمَا رواه الترمذيّ من حديث سلمان - رضي الله عنه -: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "بركة الطعام الوضوء قبله وبعده"، ورُوي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر، وبعده ينفي اللمم"، ولا يصحُّ شيء منهما، وكرهه قبله كثير من أهل العلم، منهم: سفيان، ومالك، والليث، وقال مالك: هو من فِعْل الأعاجم. واستحبّوه بعده، وقد رُوي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أنه شرب لبنًا، فمضمض، وقال: "إن له دَسَمًا"، وأمر بالمضمضة من اللبن، وقد رُوي عن مالك: أنه كره ذلك، وقال: وقد تُؤُوِّل على أن يُتّخذ ذلك سُنَّة، أو في طعام لا دسم فيه، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).


(١) بالتحريك.
(٢) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٢٩٩ - ٣٠٠.