للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"فتبعهم"، ثلاثيًّا، وذكرها الداوديّ بهمزة قطع، وتكلف ابن التين في توجيهها، ووقع في رواية: "فجاء معهم رجل"، وقوله: (رَجُلٌ) قال الحافظ - رحمه الله -: ولم أقف على اسم هذا الرجل في شيء من طرق هذا الحديث، ولا على اسم واحد من الأربعة. انتهى (١).

(فَلَمَّا بَلَغَ) - صلى الله عليه وسلم - (الْبَابَ)؛ أي: باب أبي شعيب، (قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ هَذَا اتَّبَعَنَا) بتشديد التاء، وفي رواية للبخاريّ: "وهذا رجل تَبِعنا وفي رواية: "لم يكن معنا حين دعوتنا(فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ) بتقدير الجواب، وقد ذُكر في رواية البخاريّ: "فإن شئت أَذِنت له، وإن شئت تركته"، (وَإِنْ شِئْتَ رَجَعَ") وفي رواية للبخاريّ: "وإن شئت أن يرجع رجع"، وفي رواية: "فإنه اتّبعنا، ولم يكن معنا حين دعوتنا، فإن أذنت له دخل". (قَالَ) أبو شعيب (لَا)؛ أي: لا يرجع، (بَلْ آذَنُ) بالمدّ مضارع للمتكلّم من أَذِنَ يأذن، كفرح يفرح، (لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ) وفي رواية: "فقد أَذِنّا له، فليدخل".

قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا الحديث، وما يأتي بعده يدلّ على ما كانوا عليه من شدَّة الحال، وشظف العيش، وذلك للتمحيص في الدنيا، وليتوفّر لهم أجر الآخرة.

وهذا المتَّبِع لهم كان ذا حاجة، وفاقة، وجوع، واستئذان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لصاحب الدعوة في حقّ المتبع بيان لحاله، وتطييب لقلب المستأذَن، ولو أَمَره بإدخاله معهم له لكان ذلك، فإنَّه - صلى الله عليه وسلم - قد أَمَرهم بذلك، وقال: "من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، أو أربع فليذهب بخامس"، متّفقٌ عليه، والوقت كان وقت فاقة وشدّة، وكانت المواساة واجبة إذ ذاك، والله أعلم.

ومع ذلك فاستأذن صاحب المحلّ؛ تطييبًا لقلبه، وبيانًا للمشروعية في ذلك؛ إذ الأصل ألا يَتَصَرَّف في مُلك الغير أحدٌ إلا بإذنه. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الفتح" ١٢/ ٣٥٢ - ٣٥٣، كتاب "الأطعمة" رقم (٥٤٣٤).
(٢) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣٠٢ - ٣٠٣.