للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نصر بحديث ابن عمر رفعه: "مَن دخل بغير دعوة دخل سارقًا، وخرج مُغِيرًا"، وهو حديث ضعيف، أخرجه أبو داود.

واحتَجّ عليه الطفيليّ بأشياء يؤخذ منها تقييد المنع بمن لا يحتاج إلى ذلك، ممن يتطفل، وبمن يتكره صاحب الطعام الدخول إليه، إما لقلة الشيء، أو استثقال الداخل، وهو يوافق قول الشافعية: لا يجوز التطفيل إلا لمن كان بينه وبين صاحب الدار انبساط.

١٦ - (ومنها): بيان أن المدعو لا يمتنع من الإجابة إذا امتنع الداعي من الإذن لبعض من صحبه، وأما قصّة الفارسي الآتي في الحديث التالي، فيجاب عنه بأن الدعوة لم تكن لوليمة، وإنما صنع الفارسيّ طعامًا بقدر ما يكفي الواحد، فخشي إن أذن لعائشة - رضي الله عنها - أن لا يكفي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويَحْتَمِل أن يكون الفرق أن عائشة - رضي الله عنها - كانت حاضرةً عند الدعوة بخلاف الرجل، وأيضًا فالمستحب للداعي أن يدعو خواص المدعوّ معه، كما فعل اللحام، بخلاف الفارسيّ، فلذلك امتنع - صلى الله عليه وسلم - من الإجابة إلا أن يدعوها، أو عَلِم حاجة عائشة - رضي الله عنها - لذلك الطعام بعينه، أو أحبّ أن تأكل معه منه؛ لأنه كان موصوفًا بالجودة، ولم يعلم مثله في قصة اللحام.

وأما قصة أبي طلحة - رضي الله عنه - حيث دعا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى طعام، كما سيأتي في الباب التالي - إن شاء الله تعالى - فقال - صلى الله عليه وسلم - لمن معه: "قوموا"، فأجاب عنه المازريّ أنه يَحْتَمِل أن يكون عَلِم رضا أبي طلحة، فلم يستأذنه، ولم يعلم رضا أبي شعيب، فاستأذنه، ولأن الذي أكله القوم عند أبي طلحة كان مما خَرَق الله تعالى فيه العادة لنبيّه - صلى الله عليه وسلم -، فكان جلّ ما أكلوه من البركة التي لا صنيع لأبي طلحة فيها، فلم يفتقر إلى استئذانه، أو لأنه لم يكن بينه وبين القصّاب من الموَدّة ما بينه وبين أبي طلحة، أو لأن أبا طلحة صنع الطعام للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فتصرّف فيه كيف أراد، وأبو شعيب صنعه له ولنفسه، ولذلك حدّد بعدد معين؛ ليكون ما يفضُل عنهم له، ولعياله مثلًا، واطَّلَع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فاستأذنه لذلك؛ لأنه أخبر بما يصلح نفسه وعياله (١)، والله تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ١٢/ ٣٥٤، كتاب "الأطعمة" رقم (٥٤٣٤).