للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأفراد والأشفاع؛ لأنه زاد على نصف العشرة، وفيه أشفاع ثلاثة، وأوتار أربعة، وهي من نمط غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعًا، وقوله تعالى: {سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: ٢٦١]، وكما أن السبعين مبالغة في كثرة العشرات، والسبعمائة مبالغة في كثرة المئين.

وقال النوويّ: في الحديث تخصيص عجوة المدينة بما ذُكر، وأما خصوص كون ذلك سبعًا فلا يُعقل معناه، كما في أعداد الصلوات، ونُصُب الزكوات، قال: وقد تكلم في ذلك المازريّ، وعياض بكلام باطل، فلا يُغترّ به. انتهى.

قال الحافظ: ولم يظهر لي من كلامهما ما يقتضي الحكم عليه بالبطلان، بل كلام المازريّ يشير إلى محصّل ما اقتصر عليه النوويّ، وفي كلام عياض إشارة إلى المناسبة فقط، والمناسبات لا يُقصد فيها التحقيق البالغ، بل يُكتفَى منها بطرق الإشارة.

وقال القرطبيّ: ظاهر الأحاديث خصوصية عجوة المدينة بدفع السم، وإبطال السحر، والمطلق منها محمول على المقيد، وهو من باب الخواص التي لا تُدرك بقياس ظنيّ، ومن أئمتنا من تكلَّف لذلك، فقال: إن السموم إنما تَقْتُل لإفراط برودتها، فإذا داوم على التصبّح بالعجوة تحكمت فيه الحرارة، وأعانتها الحرارة الغريزية، فقاوم ذلك برودة السم ما لم يستحكم، قال: وهذا يلزم منه رفع خصوصية عجوة المدينة، بل خصوصية العجوة مطلقًا، بل خصوصية التمر، فإن من الأدوية الحارة ما هو أَولى بذلك من التمر، والأَولى أن ذلك خاصّ بعجوة المدينة، ثم هل هو خاصّ بزمان نُطْقِه، أو في كل زمان؟ هذا مُحْتَمِلٌ، ويرفع هذا الاحتمال التجربة المتكررة، فمن جرَّب ذلك فصحَّ معه عَرَف أنه مستمرّ، وإلا فهو مخصوص بذلك الزمان، قال: وأما خصوصية هذا العدد فقد جاء في مواطن كثيرة من الطب، كحديث: "صُبُّوا عليّ من سبع قِرَب"، وقوله للمفؤود الذي وجّهه للحارث بن كَلَدَة أن يَلُدّه بسبع تمرات، وجاء تعويذه سبع مرات إلى غير ذلك.

وأما في غير الطب فكثير، فما جاء من هذا العدد في معرض التداوي فذلك لخاصية لا يعلمها إلا الله، أو من أطلعه على ذلك، وما جاء منه في غير