للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التُّحْفَة بالضمّ، وكهُمَزَة: البِرّ، واللُّطف، والطُّرْفة، جمعه: تُحُفٌ، وقد أتحفته تُحْفَةً: إذا أطرفته بها، أو أصلها وُحْفَةٌ بالواو، فقُلبت تاءً. انتهى (١).

(وَيُصِيبُ عِنْدَهُمْ)؛ أي: ينال غرضه من الطعام والشراب ما يُغنيه عن هذا اللبن، وقوله: (مَا) نافية؛ أي: ليست (بِهِ) -صلى الله عليه وسلم- (حَاجَةٌ إِلَى هَذِهِ الْجُرْعَةِ) -بضم الجيم، وفتحها-، حكاهما ابن السِّكِّيت وغيره، وهي الْحَثْوَة من المشروب، والفعل منه: جَرِعتُ بفتح الجيم، وكسر الراء، قاله النوويّ، وقال الفيّوميّ: جَرَعتُ الماءَ جَرْعًا، من باب نفع، وجَرِعتُ أجْرَعُ، من باب تَعِب لغةٌ، وهو الابتلاع، والْجُرْعة من الماء كاللقمة من الطعام، وهو ما يُجرع مرّةً واحدةً، والجمع جُرَع، مثلُ غُرْفة وغُرَف. انتهى (٢).

(فَأَتيْتُهَا)؛ أي: تلك الْجُرعة (فَشَرِبْتُهَا، فَلَمَّا أَنْ) قال ابن هشام الأنصاريّ رحمه الله في "مغنيه": "أن الواقعة بعد "لَمَّا" التوقيتيّة زائدة، نحو قوله عز وجل: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ} الآية [العنكبوت: ٣٣] " (٣).

(وَغَلَتْ فِي بَطْنِي) بِالْغَين المعجمة المفتوحة، من وَعَد؛ أي: دَخَلَت، وتمكَّنت تلك الجرعة.

وقال القرطبيّ رحمه الله: وقوله: "وغلت في بطني"؛ أي: دخلت فيه، فكل من دخل في شيء فهو واغل فيه، ومنه قول الشاعر:

فاليوم أشربُ غيرَ مُسْتَحْقب … إثْمًا من الله ولا وَاغِلِ

يقال: وغَلْتُ، أَغِلَ، وُغُولًا، وَوَغْلًا، وهو ثلاثيّ، فأمَّا أوغل -رباعيًّا- فهو بمعنى: السَّير الشديد، والإمعان فيه، قاله الأصمعيّ، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا الدِّين مَتِين، فأوغل فيه برفق"، رواه أحمد؛ أي: فَسِرْ فيه برفق. انتهى (٤).

(وَعَلِمْتُ) بتاء المتكلّم، (أَنَّهُ) الضمير للشأن، أي: أن الأمر والشأن، (لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيلٌ)؛ أي: لا يوجد طريق إلى الوصول إليها، والانتفاع بها ثانيًا.

وقال بعضهم: قوله: "وعلمت أنه ليس إليها سبيل" يحتَمِل معنيين:


(١) "القاموس المحيط" ص ١٥١ بزيادة يسيرة.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٩٧.
(٣) راجع: "مغني اللبيب" ١/ ٧٥.
(٤) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣٣٢ - ٣٣٣.