للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولأبي نعيم في "الحلية" من مرسل محمد بن سيرين: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى قَسَم ناسًا من أصحاب الصفّة بين ناس من أصحابه، فيذهب الرجل بالرجل، والرجل بالرجلين، حتى ذكر عشرة … " الحديث.

وله من حديث معاوية بن الحكم: "بينا أنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الصفّة، فجعل يوجه الرجل مع الرجل من الأنصار، والرجلين، والثلاثة، حتى بقيت في أربعة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- خامسنا، فقال: انطلقوا بنا، فقال: يا عائشة عشِّينا … " الحديث (١).

(وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ مَرَّةً)؛ أي: وقتًا من الأوقات، ("مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثةٍ) قال النوويّ -رحمه الله-: هكذا هو في جميع نُسخ "صحيح مسلم": "فليذهب بثلاثة"، ووقع في "صحيح البخاريّ": "فليذهب بثالث قال القاضي عياض: هذا الذي ذكره البخاريّ هو الصواب، وهو الموافق لسياق باقي الحديث.

قال النوويّ: وللذي في مسلم أيضًا وَجْه، وهو محمول على موافقة البخاريّ، وتقديره: فليذهب بمن يُتمّ ثلاثة، أو بتمام ثلاثة، كما قال الله تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: ١٠]؛ أي: في تمام أربعة أيام، وسبق في "كتاب الجنائز" إيضاح هذا، وذِكْر نظائره. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ: رحمه الله: قوله: "من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثلاثة" كذا صحَّت الرواية فيه عن جميع رواة مسلم، والصواب: "بثالث"؛ لأن البخاريّ كذا ذكره "بثالث"؛ ولأن بقية الحديث يدلّ عليه؛ إذ قال: "ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس، بسادس"؛ ولأنه إن حُمِل على ظاهره فسد المعنى، وذلك أن الذي عنده طعام اثنين إذا أكله في خمسة لم يَكْفِ أحدًا منهم، فلا يَرُدّ جوعًا، ولا يُمسك لأحدهم رَمَقًا، فاقتصار الاثنين على طعامهما كان أصلح؛ لأنَّه كان يردّ جوعهما، ويمسك رمقهما، وذلك بخلاف الواحد، فإنَّه يتحمل الاثنان أكله، ولا يُجحف بهما، ونحو ذلك في تشريك


(١) "الفتح" ١٤/ ٥٨١، كتاب "الرقاق" رقم (٦٤٥٢).
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٧.