للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الاثنين في طعام الأربعة لا يُجحف بهم، وكذلك الخامس بسادس لمن كان عنده طعام أربعة، وفي ذلك كانت المواساة واجبة لشدَّة الحال، والحُكم كذلك مهما وقعت شدَّة بالمسلمين، والله الكافي، والواقي. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن ما تقدّم عن النوويّ رحمه الله من تأويله بمن يُتمّ ثلاثة، أو بتمام ثلاثة أولى من تغليط ما اتّفق عليه رواة "صحيح مسلم"، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.

(وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ، فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ بِسَادِسٍ")؛ أي: فليذهب بخامس إن لم يكن عنده ما يقتضي أكثر من ذلك، وإلا فليذهب بسادس مع الخامس، إن كان عنده أكثر من ذلك، والحكمة في كونه يزيد كل أحد واحدًا فقط أن عيشهم في ذلك الوقت لم يكن متسعًا، فمن كان عنده مثلًا ثلاثة أنفس لا يضيق عليه أن يطعم الرابع من قُوتِهم، وكذلك الأربعة وما فوقها بخلاف ما لو زيدت الأضياف بعدد العيال، فإنما ذلك يحصل الاكتفاء فيه عند اتساع الحال.

ووقع في رواية أبي النعمان: "وإن أربعِ فخامسٍ، أو سادس"، و"أو" فيه للتنويع، أو للتخيير، كما في الرواية الأخرى، ويَحْتَمِل أن يكون معنى "أو سادس": وإن كان عنده طعام خمس فليذهب بسادس، فيكون من عطف الجملة على الجملة، وقوله: "وإن أربع فخامس" بالجرّ فيهما، والتقدير: فإن كان عنده طعام أربع، فليذهب بخامس، أو بسادس، فحُذف عامل الجرّ، وأُبقي عمله، كما يقال: مررت برجل صالح، وإن لا صالحٍ فطالحٍ؛ أي: إن لا أمرّ بصالح، فقد مررت بطالح، ويجوز الرفع على حذف مضاف، وإقامة المضاف إليه مُقامه، وهو أوجَهُ.

قال ابن مالك: تضمَّن هذا الحديث حَذْف فعلين، وعامِلَي جرّ مع بقاء عملهما، بعد "إن"، وبعد الفاء، والتقدير: من كان عنده طعام اثنين، فليذهب بثالث، وإن قام بأربعة، فليذهب بخامس، أو سادس. انتهى.

وهذا قاله في الرواية التي في "الصلاة"، وأما هذه الرواية وهي قوله:


(١) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣٣٦ - ٣٣٧.