للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غنم، فلعل أبا بكر نسبها إلى بني فراس؛ لكونهم أشهر من بني الحارث، ويقع في النسب كثيرٌ من ذلك، وينسبون أحيانًا إلى أخي جدّهم، أو المعنى: يا أخت القوم المنتسبين إلى بني فراس، ولا شك أن الحارث أخو فراس، فأولاد كلّ منهما إخوة للآخرين؛ لكونهم في درجتهم.

وحَكَى عياض أنه قيل في أم رومان: إنها من بني فراس بن غنم، لا من بني الحارث، وعلى هذا فلا حاجة إلى هذا التأويل، قال الحافظ: ولم أر في كتاب ابن سعد لها نسبًا إلَّا إلى بني الحارث بن غنم، ساق لها نَسَبَيْن مختلفين، فالله أعلم. انتهى (١).

(قَالَتْ) أمّ رومان - رضي الله عنها - (لَا، وَقُرَّةِ عَيْنِي) قال أهل اللغة: قُرّة العين يُعبَّر بها عن المسرّة، ورؤية ما يحبه الإنسان، ويوافقه، قيل: إنما قيل ذلك: لأنَّ عينه تَقَرّ لبلوغه أمنيته فلا يستشرف لشيء، فيكون ماخوذًا من القرار، وقيل: معناه: أنام الله عينك، وهو يرجع إلى هذا، وقيل: مأخوذ من القُرّ بالضمّ، وهو البَرْد؛ أي: عينه باردة لسرورها، وعدم مُقْلقها، قال الأصمعيّ وغيره: أقرّ الله عينه؛ أي: أبرد دمعته؛ لأنَّ دمعة الفرَح باردة، ودمعة الحزن حارّة، ولهذا يقال في ضدّه: أسخن الله عينه، قال صاحب "المطالع": قال الداوديّ: أرادت بِقُرَّة عَيْنها النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأقسمت به، وفيه بُعدٌ.

ولفظة "لا" في قولها: "لا وقرّة عيني" زائدة، ولها نظائر مشهورة، ويَحْتَمِل أن تكون نافيةً، وفيه محذوف؛ أي: لا شيء غير ما أقول، وهو: وقرّة عيني لهي أكثر منها، ذكره النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٢).

وقال في "الفتح" بعد ذكر ما تقدّم ما نصّه: وإنما حلفت أم رُومان - رضي الله عنها - بذلك لِمَا وقع عندها من السرور بالكرامة التي حصلت لهم ببركة الصدّيق - رضي الله عنه - (٣).

(لَهِيَ الآنَ)؛ أي: في الوقت الحاضر، وهو ما بعد الأكل منها، (أَكْثَرُ)


(١) "الفتح" ٨/ ٢٥٢ - ٢٥٣، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٨١).
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٩ - ٢٠.
(٣) "الفتح" ٨/ ٢٥٢ - ٢٥٣، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٨١).