للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (الكَافِرُ) ووقع عند البخاريّ من طريق عبدة بن سليمان، عن عبيد الله العمري بلفظ: "وأن الكافر، أو المنافق، فلا أدري أيهما قال عبيد الله"، قال في "الفتح": هذا الشكّ من عبدة، وقد أخرجه مسلم من طريق يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر، بلفظ: "الكافر" بغير شكّ، وكذا رواه عمرو بن دينار، وكذا هو في رواية غير ابن عمر، ممن رَوَى الحديث من الصحابة - رضي الله عنهم -، إلَّا أنه ورد عند الطبرانيّ في رواية له من حديث سَمُرة - رضي الله عنه - بلفظ: "المنافق" بدل "الكافر". انتهى (١).

(يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ) وإنما عَدِّي "يأكل" بـ "في"؛ لأنه بمعنى: يوقع الأكل فيها، ويجعلها ظرفًا للمأكول، ومنه قوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: ١٠]؛ أي: ملء بطونهم. (وَالْمُؤْمِنُ يْأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ") قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - ما حاصله: إن المؤمن الذي يعلم أن مقصود الشرع من الأكل ما يَسُدّ الجوع، ويمسك الرَّمَقَ، وَيقْوَى به على عبادة الله تعالى، ويخاف من الحساب على الزائد على ذلك، يَقِلّ أكله ضرورةً، ولذلك قال: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطن، حَسْبُ ابن آدم لُقيماتٌ يُقِمن صُلْبه، فإن كان لا مَحالةَ، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لِنَفَسِه" (٢)، وعلى هذا فقد يكون أكل المؤمن المذكور إذا نُسب إلى أكل الكافر المذكور سبُعًا، فيصير الكافر كان له سبعةَ أمعاء، يأكل فيها، والمؤمن له مِعًى واحد، وهذا أحد تأويلات الحديث، وهو أحسنها عندي. انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٣).

وقال في "الفتح": قال العلماء: يؤخذ من الحديث الحضّ على التقلّل من الدنيا، والحثّ على الزهد فيها، والقناعة بما تيسَّر منها، وقد كان العقلاء في الجاهلية والإسلام يتمدَّحون بقلة الأكل، ويذمّون كثرة الأكل، كما في


(١) "الفتح" ١٢/ ٣١٣، كتاب "الأطعمة" رقم (٥٣٩٣).
(٢) حديث صحيح، رواه أحمد ٤/ ١٣٢، والترمذيّ (٢٣٨٠)، وصححه (ابن حبّان) (٦٧٤).
(٣) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ١٧/ ٤٩.