للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على رأي الأطباء، وإما للرياضة على رأي الرهبان، وإما لعارض؛ كضعف المعدة.

قال الطيبيّ: ومُحَصَّل القول أن من شأن المؤمن الحرص على الزهادة، والاقتناع بالبُلغة، بخلاف الكافر، فإذا وُجد مؤمن، أو كافر على غير هذا الوصف، لا يقدح في الحديث، ومن هذا قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَو مُشْرِكَةً} [النور: ٣]، وقد يوجد من الزاني نكاح الحرّة، ومن الزانية نكاح الحرّ.

القول الثالث: أن المراد بالمؤمن في هذا الحديث: التامّ الإيمان؛ لأنَّ مَن حَسُن إسلامه، وكَمُل إيمانه اشتغل فكره فيما يصير إليه من الموت، وما بعده، فيمنعه شدَّة الخوف، وكثرة الفكر، والاشفاق على نفسه، من استيفاء شهوته، كما ورد في حديث لأبي إمامة - رضي الله عنه - رَفَعَهُ: "من كَثُر تفكّره قلّ طعمه، ومن قلَّ تفكره كثر طعمه، وقسا قلبه"، ويشير إلى ذلك حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - الصحيح: "إن هذا المال حُلْوةٌ خَضِرةٌ، فمن أخذه بإشراف نفس، كان كالذي يأكل ولا يشبع"، فدلّ على أنَّ المراد بالمؤمن من يقتصد في مطعمه، وأما الكافر فمن شأنه الشَّرَهُ، فيأكل بالنَّهَم، كما تأكل البهيمة، ولا يأكل بالمصلحة لقيام البُنْية.

وقد رَدّ هذا الخطابيّ، وقال: قد ذُكِر عن غير واحد من أفاضل السلف الأكل الكثير، فلم يكن ذلك نقصًا في إيمانهم.

الرابع: أن المراد أن المؤمن يسمي الله تعالى عند طعامه، وشرابه، فلا يَشْرَكُهُ الشيطان، فيكفيه القليل، والكافر لا يسمي، فيشركه الشيطان، كما تقدم تقريره قبلُ، وفي "صحيح مسلم" في حديث مرفوع: "إن الشيطان يستحل الطعام، إذا لَمْ يُذكر اسم الله عليه".

الخامس: أن المؤمن يقلّ حرصه على الطعام، فيبارَك له فيه، وفي مأكله، فيشبع من القليل، والكافر طامح البصر إلى المأكل كالأنعام، فلا يُشبعه القليل، وهذا يمكن ضمّه إلى الذي قبله، ويُجعلان جوابًا واحدًا مركّبًا.

السادس: قال النوويّ: المختار أن المراد أن بعض المؤمنين يأكل في