مِعًى واحد، وأن أكثر الكفار يأكلون في سبعة أمعاء، ولا يلزم أن يكون كلّ واحد من السبعة مثل مِعَى المؤمن. انتهى.
قال الحافظ: ويدلّ على تفاوت الأمعاء ما ذكره عياض عن أهل التشريح، أن أمعاء الإنسان سبعة: المعدة، ثم ثلاثة أمعاء بعدها متصلة بها: البواب، ثم الصائم، ثم الرقيق، والثلاثة رقاق، ثم الأعور، والقولون، والمستقيم، وكلها غلاظ، فيكون المعنى أن الكافر لكونه يأكل بشراهة لا يشبعه إلَّا ملء أمعائه السبعة، والمؤمن يشبعه ملء مِعًى واحد.
ونَقَل الكرمانيّ عن الأطباء في تسمية الأمعاء السبعة أنَّها: المعدة، ثم ثلاثة متصلة بها رِقاق، وهي الاثنا عشري، والصائم، والقولون، ثم ثلاثة غلاظ، وهي الفانفيّ، بنون، وفاءين، أو قافين، والمستقيم، والأعور.
السابع: قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يَحْتَمِل أن يريد بالسبعة في الكافر صفات: هي الحرص، والشَّرَهُ، وطول الأمل، والطمع، وسوء الطبع، والْحَسَد، وحُبُّ السِّمَن، وبالواحد في المؤمن سدّ خَلَّته.
الثامن: قال القرطبيّ: شهوات الطعام سبع: شهوة الطبع، وشهوة النفس، وشهوة العين، وشهوة الفم، وشهوة الأذن، وشهوة الأنف، وشهوة الجوع، وهي الضرورية التي يأكل بها المؤمن، وأما الكافر فيأكل بالجميع.
قال الحافظ: ثم رأيت أصل ما ذكره في كلام القاضي أبي بكر بن العربيّ ملخّصًا، وهو أن الأمعاء السبعة كناية عن الحواسّ الخمس، والشهوة، والحاجة. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن أرجح الأقوال هو ما تقدَّم عن القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وخلاصته: أن المؤمن الذي يعلم أن مقصود الشرع من الأكل ما يَسُدُّ الجوع، ويُمسك الرَّمَقَ، ويَقْوَى به على عبادة الله تعالى، ويخاف من الحساب على الزائد على ذلك، يَقلّ أَكْله ضرورة، فيكون أكل المؤمن إذا نُسب إلى أكل الكافر سُبُعًا، فيصير الكافر كأن له سبعةَ أمعاء، يأكل فيها، والمؤمن
(١) "الفتح" ١٢/ ٣١٥ - ٣١٨، كتاب "الأطعمة" رقم (٥٣٩٣).