للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة السابعة): قال في "الفتح": استُدلّ بالنهي عن لُبس القسيّ على مَنْع لُبس ما خالطه الحرير من الثياب؛ لتفسير القسيّ بأنه ما خالط غيرُ الحرير فيه الحريرَ، ويؤيّده عطفُ الحرير على القسيّ في حديث البراء، ووقع كذلك في حديث عليّ عند أبي داود، والنسائيّ، وأحمد، بسند صحيح على شرط الشيخين، من طريق عَبِيدة بن عمرو، عن عليّ قال: "نهاني النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن القسيّ، والحرير"، ويَحْتَمِل أن تكون المغايرة باعتبار النوع، فيكون الكل من الحرير، كما وقع عطف الديباج على الحرير، ولكن الذي يظهر من سياق طرق الحديث في تفسير القسيّ أنه الذي يخالط الحرير، لا أنه الحرير الصّرْف، فعلى هذا يَحْرُم لُبس الثوب الذي خالطه الحرير، وهو قول بعض الصحابة؛ كابن عمر، والتابعين؛ كابن سيرين.

وذهب الجمهور إلى جواز لُبس ما خالطه الحرير، إذا كان غير الحرير الأغلب، وعُمْدتهم في ذلك ما تقدم في تفسير الحلة السيراء، وما انضاف إلى ذلك من الرخصة في العَلَم في الثوب، إذا كان من حرير، كما تقدم تقريره في حديث عمر - رضي الله عنه -.

قال ابن دقيق العيد: وهو قياس في معنى الأصل، لكن لا يلزم من جواز ذلك جواز كل مختلط، وإنما يجوز منه ما كان مجموع الحرير فيه قَدْر أربع أصابع، لو كانت منفردة بالنسبة لجميع الثوب، فيكون المنع من لبس الحرير شاملًا للخالص والمختلِط، وبعد الاستثناء يُقتصر على القدر المستثنى، وهو أربع أصابع إذا كانت منفردة، ويلتحق بها في المعنى ما إذا كانت مختلطة، قال: وقد توسّع الشافعية في ذلك، ولهم طريقان: أحدهما، وهو الراجح: اعتبار الوزن، فإن كان الحرير أقلّ وزنًا لم يحرم، أو أكثر حَرُم، وإن استويا فوجهان، اختَلَف الترجيح فيهما عندهم.

والطريق الثاني: أن الاعتبار بالقلّة والكثرة بالظهور، وهذا اختيار القفال، ومن تبعه.

وعند المالكية في المختلط أقوال: ثالثها الكراهة، ومنهم من فرّق بين الخزّ، وبين المختلط بقطن ونحوه، فأجاز الخزّ، ومنع الآخر، وهذا مبني على تفسير الخزّ، وقد تقدَّم في بعض تفاسير القسيّ أنه الخز، فمن قال: إنه رديء