للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحرير، فهو الذي يتنزّل عليه القول المذكور، ومن قال: إنه ما كان من وَبَر، فخُلط بحرير لم يتجه التفصيل المذكور، واحتَجّ أيضًا من أجاز لبس المختلط بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الثوب الْمُصْمَت من الحرير، فأما العَلَم من الحرير، وسدى الثوب فلا بأس به، أخرجه الطبرانيّ بسند حسن، هكذا وأصله عند أبي داود، وأخرجه الحاكم بسند صحيح، بلفظ: إنما نُهي عن المصمت إذا كان حريرًا، وللطبراني من طريق ثالث: نُهي عن مصمت الحرير، فأما ما كان سداه من قطن، أو كتان، فلا بأس به.

واستَدَلّ ابن العربيّ للجواز أيضًا بأن النهي عن الحرير حقيقة في الخالص، والإذن في القطن ونحوه صريح، فإذا خُلطا بحيث لا يسمى حريرًا بحيث لا يتناوله الاسم، ولا تشمله علة التحريم، خرج عن الممنوع فجاز.

وقد ثبت لُبس الخزّ عن جماعة من الصحابة وغيرهم، قال أبو داود: لَبِسه عشرون نفسًا من الصحابة وأكثر، وأورده ابن أبي شيبة عن جَمْع منهم، وعن طائفة من التابعين بأسانيد جياد، وأعلى ما ورد في ذلك ما أخرجه أبو داود، والنسائيّ من طريق عبد الله بن سعد الدَّشْتَكيّ، عن أبيه، قال: رأيت رجلًا على بغلة، وعليه عمامة خزّ سوداء، وهو يقول: كسانيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وأخرج ابن أبي شيبة، من طريق عمار بن أبي عمار، قال: أتت مروان بن الحكم مطارف خزّ، فكساها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

والأصح في تفسير الخزّ أنه ثياب سَداها من حرير، ولُحمتها من غيره، وقيل: تُنسج مخلوطة من حرير وصوف، أو نحوه، وقيل: أصله اسم دابة يقال لها: الخزّ، سُمِّي الثوب المتخذ من وبره خزًّا؛ لنعومته، ثم أطلق على ما يُخلط بالحرير؛ لنعومة الحرير، وعلى هذا فلا يصح الاستدلال بلبسه على جواز لُبس ما يخالطه الحرير ما لم يتحقق أن الخزّ الذي لَبِسه السلف كان من المخلوط بالحرير، والله أعلم.

وأجاز الحنفية، والحنابلة لُبس الخزّ ما لم يكن فيه شهرة، وعن مالك: الكراهة، وهذا كله في الخزّ.

وأما القّزّ بالقاف بدل الخاء المعجمة، فقال الرافعيّ: عَدّ الأئمة القز من الحرير، وحرّموه على الرجال، ولو كان كَمِدَ اللون، ونقل الإمام الاتفاق