للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المعجمة، وتخفيف اللام -: النصيب، وقيل: الحظّ، وهو المراد هنا، ويُطلق على الحرمة، وعلى الدين، ويَحْتَمِل أن يُراد: مَنْ لا نصيب له في الآخرة؛ أي: مِنْ لبس الحرير. قاله الطيبيّ.

ويؤيده ما أخرجه الشيخان من حديث أبي عثمان، عن عمر - رضي الله عنه - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُلبَسُ الحريرُ في الدنيا إلا لم يُلبَس منه شيء في الآخرة"، وفي رواية لمسلم: "لا يَلْبَسُ الحرير إلا من ليس له منه شيء في الآخرة".

والمعنى: أنه لا نصيب له في لُبس حرير الجنّة، قال السنديّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ويمكن تحقّق ذلك مع الدخول في الجنّة بأن يصرف الله تعالى الاشتهاء عنه، فلا ينافي قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} [فصلت: ٣١]، بل هذا لازم في الجنّة، وإلا لاشتهى كلّ أحد درجة نبيّنا - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (١).

(ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا حُلَل) بنصب "رسول" على أنه مفعول مقدّم، و"حُلَلٌ" فاعل مؤخر، وفي رواية سالم الآتية: "ثم أُتِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاث حُلَل منها، فكسا عمرَ حُلّةً، وكسا عليّا حلّةً، وكسا أُسامةَ حُلّةً … ".

(فَأَعْطَى عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً) وفي رواية سالم: "فلبث عمر ما شاء الله، ثم أرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجبّة ديباج"، وفي رواية: "وأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعث بعد ذلك إلى عمر حلة سيراء"، وزاد الإسماعيليّ: "بحلة سيراء من حرير"، و"من" بيانية، وهو يقتضي أن السيراء قد تكون من غير حرير، قاله في "الفتح" (٢).

(فَقَالَ عُمَرُ) - رضي الله عنه - (يَا رَسُولَ اللهِ كَسَوْتَنِيهَا) إنما قال ذلك باعتبار ما فهمه، وإلّا فقد ظهر في بقية الحديث أنه لم يُعطِه ليلبسها، أو المراد: أعطيتني ما يصلح كسوة.

(وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ) هو عطارد بن حاجب بن زُرَارة بن عُدُس بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حَنظلة بن زيد مناة بن تميم التميميّ، أبو عكرمة، وَفَدَ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، واستعمله على صدقات بني تميم.

روى الطبرانيّ من طريق محمد بن زياد الْجُمَحيّ، عن عبد الرحمن بن


(١) "شرح السنديّ على النسائيّ" ٨/ ١٩٧.
(٢) "الفتح" ١٣/ ٣٢٥، كتاب "اللباس" رقم (٥٨٤١).