للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عمرو بن مُعاذ، عن عُطارد بن حاجب، أنه أهدى إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثوب ديباج، كساه إياه كسرى، فدخل أصحابه، فقالوا: نزل عليك من السماء؟! فقال: "وما تَعجَبون مِن ذا؟ لَمناديل سعد بن معاذ في الجنّة خير من هذا".

وقال أبو عبيدة: وكان حاجب بن زُرَارة، يقال له: ذو القوس، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمّا دعا على مضر بالقحط، فأقحطوا، ارتحل حاجب إلى كسرى، فسأله أن يأذن له أن ينزل حَوْلَ بلاده، فقال: إنكم أهل غَدْر، فقال: أنا ضامن، فقال: ومن لي بأن تَفيَ؟ قال: أرهنك قوسي، فَأَذِن لهم في دخول الرِّيف، فلما استسقت مُضَر بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - دعا الله، فرفع عنهم القحط، وكان حاجب مات، فرحل عُطارد بن الحاجب إلى كسرى، يطلب قوس أبيه، فردّها عليه، وكساه حُلّة.

وروى الواقديّ في "المغازي" بأسانيده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بشر بن سفيان العدويّ على صدقات خُزَاعة، فجمعوا له، فمنعهم بنو تميم، فبعث النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إليهم عُيينة بن حصن في خمسين فارسًا، فأغار، وسَبَى منهم أحدَ عشر رجلًا، وإحدى عشرة امرأة، وثلاثين صبيًّا، فوفد بعد ذلك رؤساء بني تميم، منهم عُطارد بن حاجب، فذكر القصّة، وأنهم أسلموا، وأجارهم، وارتدّ عُطارد بن حاجب بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مع من ارتدّ من بني تميم، وتَبع سَجَاح، ثم عاد إلى الإسلام، وهو الذي قال فيها: [من البسيط]

أَضْحَتْ نَبِيَّتُنَا أُنْثَى نُطِيفُ بِهَا … وَأَصْبَحَتْ أَنْبِيَاءُ النَّاسِ ذُكْرَانَا

فَلَعْنَةُ اللهِ رَبِّ النَّاسِ كُلِّهِمِ … عَلَى سَجَاحِ وَمَنْ بِالْكُفْرِ أَغْوَانَا (١)

(مَا قُلْتَ) "ما" اسم موصول في محلّ نصب على أنه مفعول مطلق؛ أي: قلت القول الذي قلته في حُلّة عطارد، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة".

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إني لم أكسكها لتلبسها" أي: لم أُعطك إياها لأجل أن تلبسها، وفي الرواية الآتية: "إِنِّي لَمْ أبعث بها إليك لتلبسها، ولكني بعثت بها إليك لتُصيب بها"، وفي رواية: "تبيعها، وتصيب بها حاجتك"، وفي


(١) "الإصابة في تمييز الصحابة" ٧/ ١١ - ١٢.