للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلا موضع إصبعين، أو ثلاث، أو أربع"، و"أو" هنا للتنويع والتخيير، وقد أخرجه ابن أبي شيبة من هذا الوجه بلفظ: "إن الحرير لا يصلح منه إلا هكذا، وهكذا، وهكذا - يعني: إصبعين، وثلاثًا، وأربعًا".

وجَنَح الْحَلِيميّ إلى أن المراد بما وقع في رواية مسلم أن يكون في كل كُمّ قدرُ إصبعين، وهو تأويل بعيد من سياق الحديث، وقد وقع عند النسائيّ في رواية سُويد: "لم يُرَخّص في الديباج إلا في موضع أربعة أصابع". انتهى (١).

٤ - (ومنها): أن فيه حجة على من أجاز العَلَم في الثوب مطلقًا، ولو زاد على أربعة أصابع، وهو منقول عن بعض المالكية.

٥ - (ومنها): أن فيه حجةً على من منع العَلَم في الثوب مطلقًا، وهو ثابت عن الحسن، وابن سيرين، وغيرهما، لكن يَحْتَمِل أن يكونوا منعوه ورعًا، وإلا فالحديث حجة عليهم، فلعلهم لم يبلغهم، قال النووي: وقد نُقل مثلُ ذلك عن مالك، وهو مذهب مردودٌ، وكذا مذهب من أجاز بغير تقدير. والله أعلم.

٦ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على جواز لبس الثوب الْمُطَرَّز بالحرير، وهو ما جُعل عليه طراز حرير مركب، وكذلك الْمُطْرَف، وهو ما سُجفت أطرافه بسَجْف من حرير بالتقدير المذكور، وقد يكون التطريز في نفس الثوب، بعد النسج.

٧ - (ومنها): أنه استُدِلّ به أيضًا على جواز لبس الثوب الذي يخالطه من الحرير مقدار العَلَم، سواء كان ذلك القدر مجموعًا، أو مفرَّقًا، وهو قويّ. ذكره في "الفتح" (٢)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في لبس الحرير:

قال ابن بطال رَحِمَهُ اللهُ: اختُلف في الحرير، فقال قوم: يحرُم لُبسه في كل الأحوال، حتى على النساء، نُقل ذلك عن عليّ، وابن عمر، وحذيفة، وأبي موسى، وابن الزبير - رضي الله عنهم -، ومن التابعين عن الحسن، وابن سيرين. وقال قوم:


(١) "الفتح" ١٣/ ٣٠٦، كتاب "اللباس" رقم (٥٨٢٨).
(٢) "الفتح" ١٣/ ٣١١، كتاب "اللباس" رقم (٥٨٢٨).