"النكاح"(٦/ ١٣٦) و" الكبرى"(٣/ ٣٣٤)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٢٩٤ و ٣٠١)، و (الحميديّ) في "مسنده"(٢/ ٥١٤)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٤/ ١٤)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٦٦٨٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٥/ ٢٤١)، و (أبو علي) في "مسنده"(٣/ ٤٦٨ و ٤/ ١٤)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان جواز استعمال الأنماط، ومحلّ الاستدلال قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها ستكون" حيث أخبر بأن الأنماط ستكون لهم؛ لأنه لو لم يحلّ اتخاذها لبيّن لهم ذلك.
وتعقّب هذا الاستدلال في "الفتح" بأن الإخبار بأن الشيء سيكون لا يقتضي إباحته، إلا إن استَدلّ المستدلّ به على التقرير، فيقول: أخبر الشارع بأنه سيكون، ولم يَنْهَ عنه، فكأنه أقرّه، وقد وقع قريبٌ من هذا في حديث عديّ بن حاتم - رضي الله عنه - في خروج الظعينة من الْحِيرَة إلى مكة بغير خَفِير، فاستدلّ به بعض الناس على جواز سفر المرأة بغير محرم. وفيه من البحث ما ذُكِر. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي بين القضيّتين فرقٌ، فإن قضية الظعينة قد قامت أدلّة كثيرة بعدم جواز سفر المرأة بغير محرم، نصّا صريحًا، لا يرتاب فيه أحد، فيجب تقديمها على المفهوم، وأما قضيّة الأنماط، فليس هناك نصّ يدلّ صريحًا على تحريم اتخاذها، فتبصّر.
والحاصل أن الاستدلال بتقريره - صلى الله عليه وسلم - لجابر - رضي الله عنه - حينما قال له:"إنها ستكون" دليل واضح على جواز اتخاذها، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
٢ - (ومنها): أن فيه معجزةً ظاهرةً للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - حيث أخبر بما سيقع بعده من الفتوحات التي نالتها أمته، وقد وقعت على طبق إخباره - صلى الله عليه وسلم -، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣، ٤].
٣ - (ومنها): التورّع عن الترفّه بملاذّ الدنيا، حيث كان جابر - رضي الله عنه - يأمر امرأته بإبعاده عنه.
٤ - (ومنها): بيان فضل جابر - رضي الله عنه -، حيث كان يتورّع بإبعاد الأنماط من بيته؛ خوفًا أن يدخل تحت قوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ