للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خاتمِ من فضّة، فلبسه، أو وجده مصوغًا، فاتّخذه، وقوله: "خاتمًا" مفعول "اتّخَذ"، وكلمة "مِنْ" في "من فضة" بيانية. (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ) أصل "كأن" للتشبيه، لكنها ههنا للتحقيق، ذكره الكوفيون، والزجاج، ومع هذا لا يخلو عن معنى التشبيه، قاله في "العمدة" (١)، وفي رواية للبخاريّ: "إلى وبيص خاتمه"، وهو بفتح الواو، وكسر الموحّدة؛ كالبَريق وزنًا ومعنًى، وفي رواية له: "إلى بريقه". (فِي يَدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) قال في "العمدة": فإن قلت: الخاتم ليس في اليد، بل في الإصبع، قلت: هذا من قبيل إطلاق الكل وإرادة الجزء، فإن قلت: الإصبع في خاتم، لا الخاتم في الإصبع، قلت: هو من باب القلب، نحو: عَرَضت الناقةَ على الحوض. انتهى (٢).

(نَقْشُهُ) مبتدأ خبره قوله: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) قال في "العمدة": قوله: "نقشه" كلام إضافيّ مرفوع بالابتداء، وقوله: "محمد رسول الله" جملة اسمية من المبتدأ والخبر خبر المبتدأ.

[فإن قلت]: الجملة إذا وقعت خبرًا لا بدّ لها من عائد.

[قلت]: إذا كان الخبر عَيْن المبتدأ لا حاجة إليه، قال الكرمانيّ: وهي وإن كانت جملة، ولكنها في تقدير المفرد، تقديره: نَقْشُه هذه الكلمات، وتعقّبه العينيّ بأن هذه الكلمات أيضًا جملة؛ لأنها مبتدأ وخبر. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: تعقّب العينيّ على الكرمانيّ هذا غير صحيح، وليس "هذه الكلمات" مبتدأ وخبرًا، بل لفظ "هذه" هو الخبر، و"الكلمات" نعتٌ، أو بدل، أو عطْفُ بيان، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وفي الرواية الآتية: "ونقش فيه: محمد رسول الله"، وهو بالبناء للفاعل؛ أي: أمَر بنقشه، و"محمدٌ رسول الله" مبتدأ وخبر، محكيّ لقصد لفظه، مفعول به لـ"نَقَشَ"، ويَحْتَمِل أن يكون الفعل مبنيًّا للمفعول، و"محمدٌ رسول الله" نائب فاعله محكيّ أيضًا، والله تعالى أعلم.


(١) "عمدة القاري" ٢/ ٢٩.
(٢) "عمدة القاري" ٢/ ٢٩ - ٢٣.
(٣) "عمدة القاري" ٢/ ٢٩.