للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وهو نظير الحديث الآخر: "لا تصحب الملائكة رُفقة فيها جَرَسٌ"، قال: فإنه محمول على رُفقة فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ محال أن يخرج الحاجّ والمعتمر لقصد بيت الله عزَّ وجلَّ على رواحل، لا تصحبها الملائكة، وهم وَفْد الله. انتهى.

قال الحافظ: وهو تأويل بعيد جدًّا، لم أره لغيره، ويزيل شبهته أن كونهم وَفْد الله لا يَمنع أن يؤاخذوا بما يرتكبونه من خطيئة، فيجوز أن يُحْرَموا بركة الملائكة بعد مخالطتهم لهم، إذا ارتكبوا النهي، واستصحبوا الجرس، وكذا القول فيمن يقتني الصورة والكلب، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما تعقّب به الحافظ قول ابن حبّان المذكور تعقّب حسنٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

٥ - (ومنها): أن الكلاب يجوز قتلها؛ لأنها من السباع، لكن لَمّا كان في بعضها منفعة، وكانت من النوع المتأنّس سُومح فيما لا يضرّ منها.

٦ - (ومنها): أن قوله: "يأمر بقتل كلب الحائط الصغير … إلخ" فيه دليلٌ على جواز اتخاذ ما يُنتفع به من الكلاب في حفظ الحوائط، وغيرها، ألا ترى أن الحائط الكبير لَمّا كان يحتاج إلى حفظ جوانبه ترك له كلبه، فلم يقتله، بخلاف الحائط الصغير منها، فإنه أمر بقتل كلبه؛ لأنه لا يَحتاج الحائط الصغير إلى كلب، فإنه ينحفظ من غير كلب؛ لِقُرب جوانبه. قاله القرطبيّ (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: مسألة قتل الكلاب قد مرّ البحث فيها مستوفًى في "كتاب البيوع" [٣٢/ ٤٠٠٩] (١٥٧٠)، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

٧ - (ومنها): أنه احتجّ جماعة بقولها: "فنضح مكانه" في نجاسة عين الكلب، قالوا: والمراد بالنضح الغسل، وتأوله من لا يقول بذلك؛ كالمالكيّة على أنه غَسَله لخوف حصول بوله، أو روثه، أو لإزالة الرائحة الكريهة، وهذا هو الراجح، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في ذكر اختلاف أهل العلم في حكم استعمال الصُّوَر:


(١) "الفتح" ١٣/ ٤٦١ - ٤٦٢، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٤٩).
(٢) "المفهم" ٥/ ٤٢٣.