للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (٦٨)} [الإسراء: ٦٨]، وقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧)} [الملك: ١٦ - ١٧]، وقال في الزجر: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت: ٤٠]، وقال في الوعظ: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧)} [الشعراء: ٢٠٥ - ٢٠٧].

ذلك من أنواع الفصاحة والبلاغة والحلاوة.

وإن جاءت الآيات في الأحكام، والأوامر، والنواهي، اشتملت على الأمر بكل معروف، حَسَنٍ نافعٍ طيب محبوب، والنهي عن كل قبيحٍ رذيلٍ دنيء، كما قال ابن مسعود وغيره من السلف: إذا سَمِعت الله تعالى يقول في القرآن: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [الأنفال: ١٥] فأرعها سمعك، فإنها خير يأمر به، أو شَرٌّ ينهى عنه، ولهذا قال تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: ١٥٧].

وإن جاءت الآيات في وصف المعاد، وما فيه من الأهوال، وفي وصف الجنة والنار، وما أعدَّ الله فيهما لأوليائه وأعدائه، من النعيم، والجحيم، والملاذّ، والعذاب الأليم، بَشَّرت به، وحَذَّرت، وأنذرت، ودَعَت إلى فعل الخيرات، واجتناب المنكرات، وزَهَّدت في الدنيا، ورَغَبت في الأخرى، وثَبَّتَت على الطريقة المثلى، وهَدَت إلى صراط الله المستقيم، وشرعه القويم، ونفت عن القلوب رِجْس الشيطان الرجيم.

ولهذا ثبت في "الصحيحين" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من نبي من الأنبياء، إلا قد أُعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيتُ وحيًا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة"، لفظ مسلم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإنما كان الذي أتيتُ وحيًا" أي: الذي اختَصَصتُ به من بينهم هذا القرآن المعجز للبشر، أن يُعارِضوه، بخلاف غيره من الكتب الإلهية، فإنها ليست معجزةً عند كثير من العلماء، والله أعلم.

وله - صلى الله عليه وسلم - من الآيات الدالة على نبوته، وصدقه فيما جاء به، ما لا يَدخُل تحت حصر، ولله الحمد والمنّة.