للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الحافظ ويَحتمل أن يُجمع بأن تكون "مِنْ" مضمرةً في قوله: "أفضل الذكر لا إله إلا الله"، وفي قوله: "أحب الكلام إلى الله" بناءً على أن لفظ "أفضل"، و"أحب" متساويان في المعنى، لكن يظهر مع ذلك تفضيل لا إله إلا الله؛ لأنها ذُكرت بالتنصيص عليها بالأفضلية الصريحة، وذُكرت مع أخواتها بالأحبية، فحصل لها التفضيل تنصيصًا، وانضمامًا. انتهى (١).

(سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لِلَّه، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، لَا يَضُرُّكَ بَأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ)؛ أي: لأن المعنى المقصود لا يتوقّف على هذا النظم؛ لاستقلال كلّ واحدة من الجُمل، لكن قال بعضهم: ينبغي أن يُرَاعَى هذا النظم المتدرّج في المعارف، فيعرف الله أوّلًا بتنزيه ذاته عما يوجب نقصًا، ثم بالصفات الثبوتيّة التي يستحقّ بها الحمدَ، ثم يعلم أن مَنْ هذا شأنه لا يستحقّ الإلهيّة غيره، فينكشف من ذلك أنه تعالى أكبر، وأعظم. انتهى (٢).

وقال الصنعانيّ رحمه الله: قوله: "لا يضرّك … إلخ" يدلّ على أنه لا ترتيب بينها، ولكن تقديم التنزيه أَولى؛ لأنه من تقديم التخلية - بالخاء المعجمة - على التحلية - بالحاء المهملة - والتنزيه تخلية عن كل قبيح، وإثبات الحمد، والوحدانية، والأكبرية تحليةٌ بكل صفات الكمال، لكنه لمّا كان تعالى منزهة ذاته عن كل قبيح، لم تضرّ البداءة بالتحلية، وتقديمها على التخلية.

والأحاديث في فضل هذه الكلمات مجموعةً ومتفرقةً بَحْرٌ لا تُنزفه الدلاء، ولا ينقصه الإملاء، وكفى بما في الحديث من أنها الباقيات الصالحات، وأنها أحب الكلام إلى الله تعالى (٣)، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَلَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا … إلخ) قال النوويّ رحمه الله: قال أصحابنا: يُكره التسمّي بالأسماء المذكورة في الحديث، وما في معناها، وهي كراهة تنزيه، لا تحريم، والعلّة فيها ما نبّه عليه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "أثمّ هو؟ فيقول: لا"، فكُره لبشاعة الجواب. انتهى (٤).


(١) "تحفة الأحوذيّ" ١٠/ ٣٨.
(٢) منقولًا من هامش النسخة التركيّة ٦/ ١٧٢، وعزاه إلى "مبارق".
(٣) "سبل السلام" ٤/ ٢١٧.
(٤) "شرح النوويّ" ١٤/ ١١٩.