للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "شرح السُّنَّة": معنى هذا أن الناس يقصدون بهذه الأسماء التفاؤل لحسن ألفاظها، ومعانيها، وربّما ينقلب عليهم ما قصدوه إلى الضدّ إذا سألوا، فقالوا: أثَمّ يسار، أو نجيح؟ فيقال: لا، فيتطيّرون بنفيه، وأضمروا اليأس من اليسر وغيره، فنهاهم عن السبب الذي يجلب سوء الظنّ والإياس من الخير. قال حميد بن زنجويه: فإذا ابتلي رجلٌ في نفسه، أو أهله ببعض هذه الأسماء فليُحوّله إلى غيره، فإن لم يفعل، وقيل: أثَمّ يسار، أو بركة؟ فإن من الأدب أن يقال: كلّ ما هنا يسر، وبركة، والحمد لله، ويوشك أن يأتي الذي تريده، ولا يقال: ليس هنا، ولا خرج، الله أعلم. انتهى (١).

(فَإِنَّكَ تَقُولُ) هذا بيان لسبب النهي عن تسمية الغلام بما ذُكر؛ لأنك يقول: (أَثَمَّ) بهمزة الاستفهام، و"ثَمّ" بالثاء المثلّثة المفتوحة، وتشديد الميم اسم إشارة للمكان البعيد؛ أي: أفي ذلك المكان (هُوَ؟)؛ أي: يسار، وما عُطف عليه، (فَلَا يَكُونُ)؛ أي: فلا يوجد في ذلك المكان، (فَيَقُولُ) المسؤول (لَا")؛ أي: ليس موجودًا هناك، فيُستبشع الجواب، بل ربما وقع في قلب بعضهم التشاؤم من ذلك.

وقوله: (إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ) وفي بعض النسخ: "إنما هو أربع".

وقوله: (فَلَا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ) بضم الدال؛ أي: الذي سمعته، ورويته لكم أربع كلمات، فلا تزيدوا عليّ في الرواية (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: وأما قوله: "فلا تزيدُنّ عليّ" هو بضم الدال، ومعناه: الذي سمعته أربع كلمات، وكذا رويتهن لكم، فلا تزيدوا عليّ في الرواية، ولا تنقلوا عني غير الأربع، وليس فيه منع القياس على الأربع، وأن يُلحق بها ما في معناها.

قال الجامع عفا الله عنه: ومما يؤيّد جواز الإلحاق قوله - صلى الله عليه وسلم - الآتي في حديث جابر - رضي الله عنه - بعد أن ذكر خمسة ألفاظ قال: "وبنحو ذلك"، فدلّ على أن ما لم يُذكر إذا كان في معنى المذكور فهو في حكم المذكور، والله تعالى أعلم.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٠/ ٣٠٨٤.
(٢) "الديباج على مسلم" ٥/ ١٧٠.