ويفهم، قال: والصواب الجواز حيث لا يكون هناك طلب جواب، ومن ثَمّ لم يخاطبه في السؤال عن حاله، بل سأل غيره.
١٦ - (ومنها): معاشرة الناس على قَدْر عقولهم.
١٧ - (ومنها): جواز قيلولة الشخص في بيتٍ غير بيت زوجته، ولو لم تكن فيه زوجته، ومشروعية القيلولة، وجواز قيلولة الحاكم في بيت بعض رعيته، ولو كانت امرأة، وجواز دخول الرجل بيت المرأة، وزوجها غائب، ولو لم يكن مَحْرَمًا، إذا انتفت الفتنة.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "وجواز دخول الرجل بيت المرأة … إلخ" هذا إذا كان معها مَحْرَم، كما هو الواقع في الحديث، فإن أنسًا -رضي الله عنه- كان حاضرًا عند أمه وقت دخوله -صلى الله عليه وسلم-، على أن بعضهم حمل ذلك بأن أم سليم ذات محرم له -صلى الله عليه وسلم-، وبعضهم قال: إنه خصوصيّة له -صلى الله عليه وسلم-، وإلا فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلوَنّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم"، متّفقٌ عليه، وفي "صحيح ابن حبّان": "ألا لا يخلونَّ رجل بامرأة، فإن ثالثهما الشيطان"، فهذا النهي الصريح يقدَّم على الاستنباط المذكور، فتنبّه، ولا تكن من الغافلين.
١٨ - (ومنها): إكرام الزائر، وأن التنعّم الخفيف لا ينافي السُّنَّة، وأن تشييع المزور الزائر ليس على الوجوب.
١٩ - (ومنها): أن الكبير إذا زار قومًا واسى بينهم، فإنه صافح أنسًا، ومازح أبا عمير، ونام على فراش أم سليم، وصلى بهم في بيتهم، حتى نالوا كلهم من بركته. انتهى ملخّص كلام ابن القاصّ -رحمه الله- فيما استنبط من فوائد حديث أنس في قصة أبي عمير.
قال الحافظ: ثم ذكر -يعني: ابن القاصّ- فصلًا في فائدة تتبّع طرق
الحديث، فمن ذلك الخروج من خلافِ مَنْ شَرَط في قبول الخبر أن تتعدد
طرقه، فقيل: لاثنين، وقيل: لثلاثة، وقيل: لأربعة، وقيل: حتى يستحق اسم
الشهرة، فكان في جَمْع الطرق ما يحصل المقصود لكل أحد غالبًا، وفي جمع
الطرق أيضًا، ومعرفة من رواها، وكميتها، العلمُ بمراتب الرواة في الكثرة
والقلة، وفيها الاطلاع على علة الخبر، بانكشاف غلط الغالط، وبيان تدليس
المدلِّس، وتوصيل المعنعن، ثم قال: وفيما يسّره الله تعالى من جَمْع طرق هذا