للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقت حاجتها، أو المراد جنس الطعام، بأن يكون من أحسن طعامه، وهو الذي يخصّ به نفسه، فهو بمعنى الحديث الآخر: "فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس"، متّفقٌ عليه.

[تنبيه]: قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "شرحه": قوله: "فغَذَاهَا، فأحسن غذاءها"، أما الأول فبتخفيف الذال، وأما الثاني، فبالمدّ. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: كونه بتخفيف الذال ليس متعيّنًا إلا إذا صحّت الرواية به، ولم يُشِر النوويّ إلى ذلك، فيمكن أن يشدّد للمبالغة، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: والغِذَاءُ مثلُ كتاب: ما يُغتذى به من الطعام والشراب، فيقال: غَذَا الطعام الصبيَّ يغذوه، من باب علا: إذا نَجَعَ فيه، وكفاه، وغَذَوته باللبن أغذوه أيضًا، فاغتذى به، وغذّيته بالتثقيل، مبالغةٌ، فتغذّى. انتهى (٢).

فدلّ على أن التثقيل فيه جائز، اللهم إلا أن يُدّعى صحة الرواية، كما أشرت إليه آنفًا، فيتعيّن، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ أَدَّبَهَا) من التأديب، والأدبُ: حُسن الأحوال في القيام والقعود، وحسن الأخلاق، وقيل: التخلّق با لأخلاق الحميدة (فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا) أي: أدّبها من غير تعنيف، ولا ضرب، بل بالرفق واللطف.

زاد في رواية البخاريّ: "وعلّمها، فأحسن تعليمها" أي: علّمها من أحكام الشريعة ما يجب عليها، "فأحسن تعليمها" أي: علّمها بالرفق، وحسن الخلق.

[فإن قلت]: أليس التأديب داخلًا تحت التعليم؟.

[قلتُ]: لا يدخل؛ إذ التأديب يتعلّق بالمروءات، والتعليم يتعلّق بالشرعيّات، أعني أن الأول عرفيّ، والثاني شرعيّ؛ أو الأول دنيويّ، والثاني دينيّ. قاله العينيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٣).

(ثُمَّ أَعْتَقَهَا، وَتَزَوَّجَهَا) وللبخاريّ: "فتزوّجها" بالفاء (فَلَهُ أَجْرَانِ") أعاده؛ لما سبق آنفًا.


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ١٨٨.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٤٤.
(٣) "عمدة القاري" ٢/ ١٨٢.