للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -:

[فإن قلت]: فيه إشكال، وهو أنه ينبغي أن يكون له أربعة أجور: أحدها بتأديبها، والثاني بتعليمها، والثالث بإعتاقها، والرابع بتزوّجها، فَلِمَ قال: "فله أجران؟ "، ولم يقل: له أربعة أجور؟.

أجاب المظهر - رَحِمَهُ اللهُ - بأن المراد الأجرين له ها هنا بالإعتاق والتزوّج، لأن التأديب والتعليم موجبان للأجر في الأجنبيّ، والأولاد، وجميع الناس، فلم يكن مختصًّا بالإماء.

قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: موجب الأجرين إعتاقها، وتزوّجها فحسبُ، والتأديب والتعليم موجبان لاستئهالها للإعتاق والتزوّج؛ لأن تزوّج المرأة المؤدَّبة المعلَّمة أكثر بركةً، وأقرب إلى أن تُعين زوجها على دينه، والشاهد لفظ "ثمَّ"؛ لكونها تفيد أن الإعتاق والتزوُّج أفضل وأعلى رتبةً من التأديب والتعليم، والأولى أن يقال: إن التأديب بالعنف لا يوجب الأجر، كما أن الوطء بدون العتق لا يُثبت الأجر؛ لحصوله قبل ذلك؛ لقوله في رواية البخاريّ: "كانت عنده أمة يطؤها"، كأنه قيل: يؤدّبها تأديبًا حسنًا، ويطؤها وَطْئًا جميلًا.

وأما الفاء في "فأحسن" فللترتيب أيضًا، لكنها دون "ثُمّ"، كما في قولك: الأمثل فالأمثل، والأفضل فالأفضل؛ يعني: التأديب والتعليم بالرفق أحسن، وأفضل منه بالعنف. انتهى (١).

[تنبيه]: وجه اقتران هذا الحديث بالحديث السابق - أعني حديث: "والذي نفس محمد - صلى الله عليه وسلم - بيده لا يسمع … " الحديث - مثل وجه اقتران ثواب نساء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعقابهنّ في المضاعفة، في قوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (٣١)} [الأحزاب: ٣٠ - ٣١].

فينبغي أن يُنزّل الحديث الأول على أن أهل الكتاب أولى الناس بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - بسبب معرفتهم به؛ لأنه مكتوب عندهم في التوارة والإنجيل، كما قال - عَزَّ وَجَلَّ -:


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٤٥١.