للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد الله بن قيس، فلم يأذن له، فقال: السلام عليكم، هذا أبو موسي، السلام عليكم، هذا الأشعريّ، ثم انصرف، فقال: "رُدُّوه عليّ".

وظاهر هذين السياقين التغاير، فإن الأول يقتضي أنه لَمْ يرجع إلى عمر إلَّا في اليوم الثاني، وفي الثاني أنه أرسل إليه في الحال، وقد وقع في رواية لمالك في "الموطأ": "فأرسل في إثره"، ويُجمع بينهما بأن عمر لَمّا فرغ من الشغل الذي كان فيه تذكّره، فسأل عنه، فأُخبر برجوعه، فأرسل إليه، فلم يجده الرسول في ذلك الوقت، وجاء هو إلى عمر في اليوم الثاني، قاله في "الفتح" (١).

(فَقَالَ) عمر -رضي الله عنه- (مَا مَنَعَكَ)؛ أي: أيُّ شيء منعك (أَنْ تَأْتِيَنَا) وفي رواية البخاريّ: "فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثًا، فلم يؤذن لي"، وفي رواية عُبيد بن حُنين، عن أبي موسى عند البخاريّ في "الأدب المفرد": "فقال: يا عبد الله اشتدّ عليك أن تحتبس على بابي، اعلم أن الناس كذلك يشتدّ عليهم أن يحتبسوا على بابك، فقلت: بل استأذنت … إلخ"، وفي هذه الزيادة دلالة على أنَّ عمر أراد تأديبه لَمّا بلغه أنه قد يحتبس على الناس في حال إمرته، وقد كان عمر استخلفه على الكوفة، مع ما كان عمر فيه من الشغل (٢).

(فَقُلْتُ: إِنِّي أَتَيْتُكَ، فَسَلَّمْتُ عَلَى بَابِكَ ثَلَاثًا، فَلَمْ يَرُدُّوا)؛ أي: أهل البيت، (عَلَيَّ، فَرَجَعْتُ) ثم ذكر أبو موسى -رضي الله عنه- حجته على الرجوع بعد الثلاث بقوله: (وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَلْيَرْجِعْ") وقع في رواية عبيد بن عمير: "كنا نؤمر بذلك"، وفي رواية عبيد بن حنين، عن أبي موسى: "فقال عمر: ممن سمعت هذا؟ قلت: سمعته من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"، وفي رواية أبي نضرة: "إن هذا شيء حفظته من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -".

[فائدة]: مما نبّه عليه بعض المعاصرين (٣) أن فتح الهاتف على رجل في وقت يعرف أنه في شغل، أو راحة يلتحق بحكم الدخول بغير استئذان إلَّا في


(١) "الفتح" ١٤/ ١٦٨ - ١٦٩، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٤٥).
(٢) "الفتح" ١٤/ ١٦٨ - ١٦٩، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٤٥).
(٣) هو صاحب "تكملة فتح الملهم" نقله عن والده. راجع: "التكملة" ٤/ ٢٣٠ - ٢٣١.