٨ - (ومنها): أنه استُدِلّ بالخبر المرفوع على أنَّه لا تجوز الزيادة في الاستئذان على الثلاث، قال ابن عبد البرّ: فذهب أكثر أهل العلم إلى ذلك، وقال بعضهم: إذا لَمْ يُسْمَع فلا بأس أن يزيد، وروى سحنون عن ابن وهب، عن مالك: لا أحب أن يزيد على الثلاث، إلَّا من عَلِم أنه لَمْ يُسمَع، وهذا هو الأصح عند الشافعية، قال ابن عبد البرّ: وقيل: تجوز الزيادة مطلقًا بناءً على أن الأمر بالرجوع بعد الثلاث للإباحة، والتخفيف عن المستأذن، فمن استأذن أكثر فلا حرج عليه.
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى بطلان هذا القول؛ لكونه معارضًا للنصّ الصريح الصحيح:"إذا استأذن أحدكم ثلاثًا، فلم يؤذن له، فليرجع"، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
قال: الاستئذان أن يقول: السلام عليكم، أأدخل؟ كذا قال، ولا يتعيّن هذا اللفظ، وحَكَى ابن العربيّ: إن كان بلفظ الاستئذان لا يعيد، وإن كان بلفظ آخر أعاد، قال: والأصح لا يعيد، وقد تقدم ما حكاه المازريّ (١) في ذلك.
وأخرج البخاريّ في "الأدب المفرد" عن أبي العالية قال: أتيت أبا سعيد، فسلّمت، فلم يؤذن لي، ثم سلمت، فلم يؤذن لي، فتنحيت ناحيةً، فخرج عليّ غلامٌ، فقال: ادخل، فدخلت، فقال لي أبو سعيد: أما إنك لو زدت؛ يعني: على الثلاث، لَمْ يؤذن لك.
واختُلِف في حكمة الثلاث، فروى ابن أبي شيبة من قول عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: الأولى إعلام، والثانية مؤامرة، والثالثة عزمة، إما أن يؤذن له، وإما أن يُرَدّ.
٩ - (ومنها): ما قاله الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: يؤخذ من صنيع أبي موسى -رضي الله عنه- حيث ذكر اسمه أَوّلًا، وكنيته ثانيًا، ونِسبته ثالثًا أن الأُولى هي الأصل، والثانية إذا جَوَّز أن يكون التبس على من استأذن عليه، والثالثة إذا غلب على ظنه أنه عرفه، قال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وذهب بعضهم إلى أن أصل الثلاث في الاستئذان قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ